ما امتلأت به أو هل من زيادة فأزاد (حتى يضع) وفي رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عند مسلم حتى يضع رب العزة (قدمه) فيها أي يذللها تذليل من يوضع تحت الرجل والعرب تضع الأمثال بالأعضاء ولا تريد أعيانها كقولها للنادم سقط في يده أو المراد قدم بعض المخلوقين فيكون الضمير لمخلوق معلوم (فتقول) النار (قط قط) بكسر الطاء وسكونها فيهما كذا في الفرع، ويجوز التنوين مع الكسر والمعنى حسبي حسبي قد اكتفيت.
وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمد بن موسى القطان) الواسطي قال: (حدّثنا أبو سفيان الحميري) بكسر الحاء المهملة وسكون الميم وفتح التحتية وكسر الراء واسمه (سعيد بن يحيى) بكسر العين (ابن مهدي) بفتح الميم الواسطي قال: (حدّثنا عوف) الأعرابي (عن محمد) هو ابن سيرين (عن أبي هريرة) قال محمد بن موسى (رفعه) إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وأكثر ما كان يوقفه) على الصحابي بسكون الواو من الثلاثي المزيد فيه والفصيح يقفه من الثلاثي المجرد (أبو سفيان) الحميري وقليلًا ما كان يرفعه (يقال) أي يقول الله (لجهنم هل امتلأت) استفهام تحقيق لوعده بملئها (وتقول) جهنم: ولأبي ذر فتقول بالفاء (هل من مزيد فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها فتقول قط قط).
وبه قال:(حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام بتشديد الميم وفتح الهاء قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن همام) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى ابن منبه (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(تحاجّت الجنة والنار) تخاصمتا بلسان المقال أو الحال (فقالت النار: أوثرت) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول بمعنى اختصصت (بالمتكبرين والمتجبرين) مترادفان لغة فالثاني تأكيد لسابقه أو المتكبر المتعظم بما ليس فيه والمتجبر الممنوع الذي لا يوصل إليه أو الذي لا يكترث بأمر الناس وسقطهم (وقالت الجنة ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس) الذين لا يلتفت إليهم لمسكنتهم (وسقطهم) بفتحتين المحتقرون بين الناس الساقطون من أعينهم لتواضعهم لربهم وذلتهم له (قال الله تبارك وتعالى) ولأبي ذر: عز وجل (للجنة: أنت رحمتي) ولأبي ذر عن الكشميهني: أنت رحمة وسماها رحمة لأن بها تظهر رحمته تعالى كما قاله (أرحم بك من أشاء من عبادي) وإلاّ فرحمة الله من صفاته التي لم يزل بها موصوفًا (وقال للنار: إنما أنت عذاب) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: عذابي (أعذّب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منهما) بالهاء في الفرع كأصله وفي نسخة منكما (ملؤها فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله) في مسلم: حتى يضع الله رِجله، وأنكر ابن فورك لفظ رِجله وقال: إنها غير ثابتة. وقال ابن الجوزي: هي تحريف من بعض الرواة وردّ عليهما برواية الصحيحين بها وأوّلت بالجماعة كرِجل من جراد أي يضع فيها جماعة وأضافهم إليه إضافة اختصاص، وقال محيي السُّنَّة: القدم والرِجل في هذا الحديث من صفات الله تعالى المنزّهة عن التكييف والتشبيه فالإيمان بها فرض والامتناع عن الخوض فيها واجب، فالمهتدي من سلك فيها طريق التسليم والخائض فيها زائغ والمنكر معطل والمكيف مشبه ليس كمثله شيء (فتقول) النار إذا وضع رِجله فيها (قط قط قط) ثلاثًا بتنوينها مكسورة ومسكنة، وعند أبي ذر: مرتين فقط كالروايتين السابقتن (فهنالك تمتلئ ويُرْوى) بضم أوله وفتح ثالثه (بعضها إلى بعض) تجتمع وتلتقي على مَن فيها ولا ينشئ الله لها خلفًا (ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحدًا) لم يعمل سوءًا وللمعتزلة أن يقولوا إن نفي الظلم عمن لم يذنب دليل على أنه إن عذبهم كان ظلمًا وهو عين مذهبنا. والجواب إنّا وإن قلنا إنه تعالى وإن عذبهم لم يكن ظالمًا فإنه لم يتصرف في ملك غيره، لكنه تعالى لا يفعل ذلك لكرمه ولطفه مبالغة فنفي الظلم إثبات الكرم، (وأما الجنة فإن الله عز وجل ينشئ لها خلقًا) لم تعمل خيرًا حتى تمتلئ فالثواب ليس موقوفًا على العمل.