والمعنى ألم تعلم والخطاب وإن كان ظاهره للرسول ﷺ فهو عام في المعنى لأن الغرض بيان نعم الله بالظل وجميع المكلفين مشتركون في تنبيههم لذلك.
(﴿ساكنًا﴾) يريد قوله: ﴿ولو شاء لجعله ساكنًا﴾ [الفرقان: ٤٥] قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم: أي (دائمًا) أي ثابتًا لا يزول ولا تذهبه الشمس قال أبو عبيدة الظل ما نسخته الشمس وهو بالغداة والفيء ما نسخ الشمس وهو بعد الزوال وسمي فيئًا لأنه فاء من الجانب الغربي إلى الشرقي.
(﴿عليه دليلًا﴾) قال ابن عباس: فيما وصله ابن أبي حاتم أيضًا أي (طلوع الشمس) دليل حصول الظل فلو لم تكن الشمس لما عرف الظل ولولا النور ما عرف الظلمة والأشياء تعرف بأضدادها.
(﴿خلفة﴾) في قوله تعالى: ﴿وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة﴾ [الفرقان: ٦٢] قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم: (من فاته من الليل عمل أدركه بالنهار أو فاته بالنهار أدركه بالليل). وجاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: فاتتني الصلاة الليلة. فقال: أدرك ما فاتك من ليلتك في نهارك، فإن الله تعالى جعل الليل والنهار خلفة أو يخلف أحدهما الآخر يتعاقبان إذا ذهب هذا جاء هذا، وإذا جاء هذا ذهب ذاك وخلفة مفعول ثان لجعل أو حال.
(وقال الحسن) البصري فيما وصله سعيد بن منصور في قوله تعالى: (﴿هب لنا من أزواجنا﴾) [الفرقان: ٧٤] وزاد أبو ذر وذرياتنا قرة أعين أي (في طاعة الله) ولأبي ذر والأصيلي: من طاعة الله (وما شيء أقر لعين المؤمن أن يرى) وللأصيلي لعين مؤمن وله ولأبي ذر من أن يرى (حبيبه في طاعة الله) قال في الأنوار فإن المؤمن إذا أشركه أهله في طاعة الله سر بهم قلبه وقربهم عينه لما يرى من مساعدتهم له في الدين وتوقع لحوقهم به في الجنة ومن ابتدائية أو بيانية كقولك رأيت منك أسدًا اهـ والمراد قرة أعين لهم في الدين لا في الدنيا من المال والجمال قال الزجاج يقال أقر الله عينك أي صادف فؤادك ما تحبه وقال المفضل برد دمعتها وهي التي تكون مع السرور ودمعة الحزن حارة.
(وقال ابن عباس) فيما وصله ابن المنذر مفسرًا (ثبورًا) في قوله: ﴿دعوا هنالك ثبورًا﴾ [الفرقان: ١٣] أي يقولون (ويلا) بواو مفتوحة فتحتية ساكنة وقال الضحاك هلاكًا فيقولون واثبوراه تعال فهذا حينك فيقال لهم لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا أي هلاككم أكثر من أن تدعوا مرة واحدة فادعوا أدعية كثيرة فإن عذابكم أنواع كثيرة كل نوع منها ثبور لشدته أو لأنه يتجدد لقوله تعالى: ﴿كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب﴾ [النساء: ٥٦] أو لأنه لا ينقطع فهو في كل وقت ثبور.
(وقال غيره) غير ابن عباس مفسرًا لقوله تعالى: ﴿وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرًا﴾ [الفرقان: ١١] (السعير مذكر) لفظًا أو من حيث إن فعيلًا يطلق على المذكر والمؤنث (والتسعر والاضطرار) معناهما (التوقد الشديد) وعن الحسن السعير اسم من أسماء جهنم.
(تملى عليه) في قوله: ﴿وقالوا أساطير الأوّلين اكتتبها فهي تملى عليه﴾ [الفرقان: ٥] أي (تقرأ عليه من أمليت) بتحتية ساكنة بعد اللام (وأمللت) بلام بدل التحتية والمعنى أن هذا القرآن ليس من الله إنما سطره الأوّلون فهي تقرأ عليه ليحفظها.
(﴿الرس﴾) في قوله تعالى: ﴿وعادًا وثمود وأصحاب الرس﴾ [الفرقان: ٣٨] أي (المعدن جمعه) بسكون الميم ولأبي ذر جميعه بكسرها ثم تحتية (رساس) بكسر الراء قاله أبو عبيدة وقيل أصحاب الرس ثمود لأن الرس البئر التي لم تطو وثمود أصحاب آبار وقيل الرس نهر بالمشرق وكانت قرى أصحاب الرس على شاطئ النهر فبعث الله إليهم نبيًّا من أولاد يهوذا بن يعقوب فكذبوه فلبث فيهم زمانًا فشكى إلى الله منهم فحفروا بئرًا وأرسلوه فيها وكانوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم وهو يقول سيدي ترى ضيق مكاني وشدة كربي وضعف ركني وقلة حيلتي فأرسل الله عليهم ريحًا عاصفة شديدة الحرّ وصارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد وأظلتهم سحابة سوداء فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص وقيل غير ذلك.
(﴿ما يعبأ﴾) ولأبي ذر: ما يعبؤوا. قال أبو عبيدة: (يقال ما عبأت به شيئًا لا يعتد به) وللأصيلي أي لم تعتد به فوجوده وعدمه