وأشربته) بضم الهمزة مبنيًا للمفعول والضمير المنصوب يرجع إلى الإفك (قلوبكم) رفع بأشربت (وإن قلت إني فعلت) ولأبي ذر قد فعلت (والله يعلم أني لم أفعل) ذلك (لتقولن قد باءت) أقرت (به على نفسها وإني والله ما أجد لي ولكم مثلًا والتمست) بسكون السين أي طلبت (اسم يعقوب) ﵇ (فلم أقدر عليه إلا أبا يوسف حين قال: (﴿فصبر جميل﴾) أجمل وهو الذي لا شكوى فيه إلى الخلق (﴿والله المستعان على ما تصفون﴾) أي على احتمال ما تصفونه (وأُنزِلَ على رسول الله ﷺ من ساعته فسكتنا فرفع عنه) الوحي (وإني لأتبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه) من العرق (ويقول):
(أبشري) بقطع الهمزة (يا عائشة فقد أنزل الله براءتك) وفي رواية فليح يا عائشة احمدي الله فقد برأك (قالت: وكنت أشد) بالنصب خبران (ما كنت غضبًا) أي وكنت حين أخبر ﷺ ببراءتي أقوى ما كنت غضبًا من غضبي قبل ذلك قاله العيني (فقال لي أبواي: قومي إليه. فقلت: والله) ولأبي ذر لا والله (لا أقوم إليه ولا أحمده ولا أحمدكما، ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي لقد سمعتموه) أي الإفك (فما أنكرتموه ولا غيرتموه).
وفي رواية الأسود عن عائشة: وأخذ رسول الله ﷺ بيدي فانتزعت يدي منه فنهرني أبو
بكر وإنما فعلت ذلك لما خامرها من الغضب من كونهم لم يبادروا بتكذيب من قال فيها ذلك مع تحققهم حسن سيرتها وطهارتها. وقال ابن الجوزي: إنما قالت ذلك إدلالًا كما يدل الحبيب على حبيبه، ويحتمل أن تكون مع ذلك تمسكت بظاهر قوله ﵇ لها "احمدي الله" ففهمت منه أمرها بإفراد الله بالحمد، فقالت ذلك وأن ما أضافته إليه من الألفاظ المذكورة كان من باعث الغضب قاله في الفتح.
(وكانت عائشة تقول: أما زينب ابنة جحش) أم المؤمنين (فعصمها الله) أي حفظها (بدينها فلم تقل) أي فيّ (إلا خيرًا، وأما أختها حمنة فهلكت فيمن هلك) أي حدّت فيمن حد لخوضها في حديث الإفك لتخفض منزلة عائشة وترفع منزلة أختها زينب (وكان الذي يتكلم فيه) أي في الإفك ولأبي ذر به (مسطح وحسان بن ثابت والمنافق عبد الله بن أبي، وهو الذي كان يستوشيه) أي يطلب إذاعته ليزيده ويريبه (ويجمعه وهو الذي تولى كبره منهم هو وحمنة. قالت) عائشة: (فحلف أبو بكر أن لا ينفع مسطحًا) ابن خالته (بنافعة أبدًا) بعد الذي قال عن عائشة (فأنزل الله ﷿: (﴿ولا يأتل أولو الفضل منكم﴾) إلى آخر الآية يعني: أبا بكر (﴿والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين﴾) يعني مسطحًا إلى قوله: (﴿ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم﴾ حتى قال أبو بكر: بلى والله يا ربنا إنّا لنحب أن تغفر لنا وعاد له) لمسطح (بما كان يصنع) له قبل من النفقة، زاد في الباب السابق وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا وسقط لفظ حتى لأبي ذر.
(لطيفة).
ذكر أنه كان للشيخ إسماعيل بن المقري اليمني مؤلف عنوان الشرف وغيره ولد يجري عليه نفقة في كل يوم فقطعها لشيء بلغه عنه فكتب لأبيه رقعة فيها:
لا تقطعن عادة برّ ولا … تجعل عقاب المرء في رزقه
واعف عن الذنب فإن الذي … نرجوه عفو الله عن خلقه
وإن بدا من صاحب زلة … فاستره بالإغضاء واستبقه
فإن قدر الذنب من مسطح … يحط قدر النجم من أفقه
وقد بدا منه الذي قد بدا … وعوتب الصديق في حقه
فكتب إليه أبوه:
قد يمنع المضطر من ميتة … إذا عصى بالسير في طرقه
لأنه يقوى على توبة … توجب إيصالًا إلى رزقه
لو لم يتب مسطح من ذنبه … ما عوتب الصديق في حقه