الله) أي ركوب البحر (في القرآن إلا بحق) ولابن عساكر: وما ذكر الله بإسقاط الضمير المنصوب وفي نسخة بالفرع إلا بالحق، ووقع في رواية الحموي وقال مطرف بدل مطر. قال الحافظ ابن حجر وغيره: إنه تصحيف (ثم تلا) مطر (﴿وترى الفلك مواخر فيه﴾) وهذه آية النحل ولأبي ذر: ﴿وترى الفلك فيه مواخر﴾ بتقديم فيه على مواخر وهذه آية سورة فاطر (﴿ولتبتغوا من فضله﴾)[النحل: ١٤] من سعة رزقه تركبونها للتجارة، ووجه حمل مطر ذلك على الإباحة أنه سيقت في مقام الامتنّان لأن الله تعالى جعل البحر لعباده لابتغاء فضله من نعمه التي عددها لهم وأراهم في ذلك عظيم قدرته وسخر الرياح باختلافها لحملهم وترددهم وهذا من عظيم آياته، وهذا يرد على من منع ركوب البحر فى إبّان ركوبه وهو قول يروى عن عمر ﵁. ولما كتب إلى عمرو بن العاص يسأله عن البحرّ فقال: خلف عظيم يركبه خلق ضعيف دود على عود فكتب إليه عمر ﵁ أن لا يركبه أحد طول حياته، فلما كان بعد عمر ﵁ لم يزل يركب حتى كان عمر بن عبد العزيز فاتبع فيه رأي عمر ﵁ وكان منع عمر لشدة شفقته على المسلمين، وأما إذا كان إبان هيجانه وارتجاجه فلا يجوز ركوبه لأنه تعرض للهلاك،
وقد نهى الله عباده عن ذلك بقوله تعالى: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ [البقرة: ١٩٥].
قال البخاري:(والفلك) في الآية هي (السفن) بضم السين والفاء جمع سفينة وسميت سفينة لأنها تسفن وجه الماء أي تقشره فعيلة بمعنى فاعلة والجمع سفائن وسفن وسفين، وقوله:(الواحد والجمع) وسقطت الواو من قوله والفلك لأبي ذر، ولأبي ذر وابن عساكر: والجميع (سواء) يعني في الفلك بدليل قوله تعالى: ﴿في الفلك المشحون﴾ [يس: ٤١] وقوله: ﴿حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم﴾ [يونس: ٢٢] فذكره في الإفراد والجمع بلفظ واحد.
(وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي في تفسيره وعبد بن حميد من وجه آخر: (تمخر) بفتح التاء وسكون الميم وفتح المعجمة أي تشق (السفن الريح) برفع السفن على الفاعلية ونصب الريح على المفعولية كذا في فرع اليونينية. قال عياض: وهو رواية الأصيلي وهو الصواب ويدل له قوله تعالى: ﴿مواخر فيه﴾ إذ جعل الفعل للسفن وقال الخليل مخرت السفينة الريح إذا استقبلته. وقال أبو عبيد وغيره: هو شقها الماء، وعلى هذا فالسفينة رفع على الفاعلية، ولأبي ذر وابن عساكر: من الريح، وفي نسخة قال عياض: وهي للأكثر تمخر السفن بالنصب الريح بالرفع على الفاعلية لأن الريح هي التي تصرف السفينة في الإقبال والإدبار، (ولا يمخر الريح) شيء (من السفن) بنصب الريح على المفعولية، ولأبي ذر: الريح شيئًا من السفن برفع الريح على الفاعلية (إلا الفلك العظام) بالرفع فيهما بدلاً من المستثنى منه لأنه منفي، ولأبي ذر: إلا الفلك العظام بالنصب فيهما على الاستثناء.
(وقال الليث) بن سعد الإمام: (حدّثني) بالتوحيد (جعفر بن ربيعة) بن شرحبيل بن حسنة المصري (عن عبد الرحمن بن هرمز) الأعرج (عن أبي هريرة ﵁ عن رسول الله ﷺ أنه ذكر رجلاً من بني إسرائيل خرج في البحر) ولأبي ذر إلى البحر (فقضى حاجته وساق الحديث) ويأتي بتمامه في الكفالة إن شاء الله تعالى، وسبق في كتاب الزكاة في باب: ما يستخرج من البحر بصورة التعليق أيضًا ولفظه: أنه ذكر رجلاً من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فدفعها إليه فخرج في البحر فلم يجد مركبًا فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار فرمى بها في البحر فخرج الرجل الذي كان أسلفه فإذا بالخشبة فأخذها لأهله حطبًا فذكر الحديث، فلما نشرها وجد المال والرجل المقرض هو النجاشي كما نقله الحافظ ابن حجر في المقدمة عن كتاب الصحابة لمحمد بن الربيع الجيزي، وفيه بحث يأتي، إن شاء الله تعالى في الكفالة.
وهذا الحديث قد وصله الإسماعيلي، وكذا هو موصول عند المؤلّف في رواية أبي ذر عن المستملي حيث قال:(حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن صالح) كاتب الليث (قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا (الليث بهذا) الحديث. وأفاد في فتح الباري أن هذا ثابت في رواية أبي الوقت أيضًا، وقال