أنس) وللأصيلي: أنس بن مالك (﵁، فصلّى لنا يومئذ صلاة من الصلوات وهو قاعد فصلينا وراءه قعودًا، ثم قال) ﵊ (لما سلم):
(إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلّى قائمًا فصلوا قيامًا) زاد في باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلّى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون، وهو منسوخ بصلاتهم خلفه قيامًا وهو قاعد في مرض موته (وإذا ركع فاركعوا) وفي الرواية التالية لهذه: فإذا كبّر فكبّروا وإذا ركع فاركعوا. فالتكبير هنا مقدّر، إذ الركوع يستدعي سبق التكبير بلا ريب، فالمقدر كالملفوظ، والأمر للوجوب. وتعينت تكبيرة الإحرام دون غيرها بقوله: وافتتاح الصلاة المفسر بمع الشروع فيها، كما مر. وفي حديث أبي حميد: كان ﵊ إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائمًا ورفع يديه ثم قال: الله أكبر.
أخرجه ابن ماجة، وصحّحه ابنا خزيمة وحبّان. وحينئذ فحصلت المطابقة بين الحديث والترجمة من حيث الجزء الأول منها، وهو إيجاب التكبير. والجزء الثاني بطريق اللزوم، لأن التكبير أول الصلاة لا يكون إلا عند الشروع فيها. (وإذا رفع فارفعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده) أي أجاب دعاء الحامدين (فقولوا: ربنا ولك الحمد) أي بعد قولكم: سمع الله لمن حمده، فقد ثبت الجمع بيهما من فعله ﵊.
وقد قال: صلوا كما رأيتموني أصلي، فسمع الله لمن حمده للارتفاع، وربنا ولك الحمد للاعتدال. وسقط لغير أبي ذر عن المستملي: وإذا سجد فاسجدوا.
ورواة هذا الحديث حمصيان ومدنيان، وفيه التحديث بالجمع، والإخبار بالجمع والإفراد والعنعنة، وهذا الحديث والتالي له حديث واحد عن الزهري عن ثابت، لكنه من طريقين: شعيب والليث. فاختصر شعيب، لكنه صرح الزهري فيها بإخبار أنس، وأتمه الليث.
٧٣٣ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: "خَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ، فَصَلَّى لَنَا قَاعِدًا، فَصَلَّيْنَا مَعَهُ قُعُودًا، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ: إِنَّمَا الإِمَامُ -أَوْ إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ- لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا».
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) ولغير أبوي الوقت وذر وابن عساكر: ابن سعيد، (قال: حدّثنا ليث) بالمثلثة هو ابن سعد، وللأربعة: الليث بلام التعريف (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أنس بن مالك) ﵁، (أنه قال: خرّ) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء، أي سقط (رسول الله ﷺ عن فرس، فجحش) بتقديم الجيم على الحاء وآخره معجمة أي خدش، وهو قشر جلد العضو، وفي رواية: فجحش ساقه (فصلّى لنا قاعدًا فصلينا معه) وفي رواية: فصلينا وراءه (قعودًا، ثم انصرف) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فلما انصرف (فقال):
(إنما الإمام -أو وإنما جعل الإمام- ليؤتم به) يحتمل أن يكون جعل بمعنى: سمي فيتعدى إلى مفعولين: أحدهما الإمام القائم مقام الفاعل، والثاني محذوف أي: إنما جعل الإمام إمامًا ويحتمل أن يكون بمعنى صار أي: إنما صير الإمام إمامًا، ويحتمل أن يكون فاعله ضمير الله، أي: جعل الله الإمام، أو ضمير النبي ﷺ. واللام في ليؤتم به لام كي، والفعل منصوب بإضمار أن، والشك في زيادة لفظ جعل من الراوي (فإذا كبر فكبروا).
الأمر للوجوب، وهو موضع الترجمة ومراده الرد على القائل من السلف إنه يجوز الدخول في الصلاة بغير لفظ بل بالنية فقط، وعلى القائل: إنه يجوز الدخول فيها بكل لفظ يدل على التعظيم، كما مر عن أبي حنيفة ووجوبه على المأموم ظاهر من الحديث، وأما الإمام فمسكوت عنه. ويمكن أن يقال: في السياق إشارة إلى الإيجاب لتعبير بإذا التي تختص بما يجزم بوقوعه، والأمر شامل لكل التكبيرات. إلا أن الدليل من خارج أخرج غير تكبيرة الإحرام من الوجوب إلى السنية: كربنا ولك الحمد.
واستدلّ به على أن أفعال المأموم تكون متأخرة عن أفعال الإمام، فيكبر للإحرام بعد فراغ الإمام من التكبير، ويركع بعد شروع الإمام في الركوع وقبل رفعه منه، وكذا سائر الأفعال. فلو قارنه في تكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته، أو في غيرها كره. وفاتته فضيلة الجماعة.
واستدلال ابن بطال وابن دقيق العيد بذلك، بأنه رتب فعله على فعل الإمام، بالفاء المقتضية للترتيب والتعقيب، تعقبه الولي العراقي بأن الفاء المقتضية للتعقيب هي العاطفة، أما الواقعة في جواب الشرط فإنما هي للربط.
قال والظاهر أنها لا دلالة لها على التعقيب، على أن في دلالتها على التعقيب