بيت المقدس لأنه خاف أن يشتهر قبره عندهم فيفتنوا به. قال ابن عباس: لو علمت اليهود قبر موسى وهارون لاتخذوهما إلهين من دون الله. (قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(لو) ولأبي ذر: فلو (كنت ثم) أي هناك (لأريتكم قبره إلى) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من وهي التي في الفرع لا غير (جانب الطريق تحت) وللكشميهني عند (الكثيب الأحمر) بالمثلثة الرمل المجتمع وليس نصًّا في الإعلام بتعيين قبره، وقد اشتهر قبره بأريحاء عند كثيب أحمر أنه قبر موسى. وأريحاء من الأرض المقدسة، وأما ما يرى عند قبره المقدس من أشباح بالقبة المبنية عليه مختلفة الهيئات والأفعال فالله أعلم بحقيقتها، لكن أخبرني شيخ الإسلام البرهان بن أبي شريف: أنه إذا وقع هناك فعل ما لا يجوز تحصل ظلمة واضطراب حتى يزال ذلك فتنجلي، وقد روي عن وهب بن منبه أن الملائكة تولوا دفنه والصلاة عليه.
(قال) أي عبد الرزاق بن همام موصولاً بالإسناد المذكور: (وأخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن همام) هو ابن منبه أنه (قال: حدّثنا أبو هريرة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نحوه). أي نحو الحديث المذكور.
٣٤٠٨ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْعَالَمِينَ -قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ- فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ. فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ عِنْدَ ذَلِكَ يَدَهُ فَلَطَمَ الْيَهُودِيَّ، فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ، فَقَالَ: لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ».
وبه قال: (حدثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (أبو سلمة بن عبد الرَّحمن) بن عوف (وسعيد بن المسيب أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: استب رجل من المسلمين) هو أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- (ورجل من اليهود) قيل هو فنحاص بفاء مكسورة ونون ساكنة وبعد الحاء المهملة ألف فصاد مهملة قاله ابن بشكوال وعزاه لابن إسحاق، وتعقب بأن الذي ذكره ابن إسحاق لفنحاص مع أبي بكر الصدّيق في لطمه إياه قصة أخرى في نزول قوله تعالى: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير} [آل عمران: ١٨٠] الآية. قال في الفتح: ولم أقف على اسم هذا اليهودي في هذه القصة (فقال المسلم) أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: (والذي اصطفى محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على العالمين قسم يقسم به، فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى
على العالمين فرفع المسلم) أبو بكر (عند ذلك) الذي سمعه من قول اليهودي والذي اصطفى موسى على العالمين الشامل لمحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وسائر الأنبياء والمرسلين وغيرهم (يده فلطم اليهودي) عقوبة له على إطلاقه. وفي رواية عبد الله بن الفضل الآتية قريبًا إن شاء الله تعالى وقال يقول: والذي اصطفى موسى على البشر والنبي بين أظهرنا (فذهب اليهودي إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبره الذي كان من أمره وأمر المسلم) وزاد في رواية إبراهيم بن سعد فدعا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسلم فسأله عن ذلك فأخبره (فقال) على سبيل التواضع.
(لا تخيروني على موسى). وفي حديث أبي سعيد عند ... (١) لا تخيروا بين الأنبياء أي من تلقاء أنفسكم فإن ذلك قد يفضي إلى العصبية فينتهز الشيطان عند ذلك فرصة فيدعوكم إلى الإفراط والتفريط فتطرون الفاضل فوق حقه وتبخسون المفضول حقه فتقعون في مهواة الغي فلا تقدموا على ذلك بآرائكم بل ما آتاكم الله من البيان (فإن الناس يصعقون) يوم القيامة (فأكون أوّل من يفيق) بعد النفخة الأخيرة (فإذا موسى باطش) آخذ (بجانب العرش) بقوّة وفي حديث أبي سعيد آخذ بقائمة من قوائم العرش (فلا أدري أكان فيمن) ولأبي ذر: ممن (صعق فأفاق قبلي) ثبت لفظ قبلي في الفرع وسقطت من أصله (وكان ممن استثنى الله) عز وجل في قوله: {فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} [الزمر: ٦٨] فلم يصعق فحوسب بصعقة الطور فلم يكلف صعقة أخرى.
٣٤٠٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنَ الْجَنَّةِ. فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ ثُمَّ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى مَرَّتَيْنِ». [الحديث ٣٤٠٩ - أطرافه في: ٤٧٣٦، ٤٧٣٨، ٦٦١٤، ٧٥١٥].
وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف الزهري القرشي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم (عن حميد بن عبد الرَّحمن أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- (قال قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(احتج) أي تحاج (آدم وموسى) بأشخاصهما أو التقت أرواحهما
(١) بياض في الأصل.