(فإن أهلكها) أي العشرين ومائة (متعمدًا) بأن ذبحها (أو وهبها أو احتال فيها) قبل الحول بيوم (فرارًا من الزكاة فلا شيء عليه) لأن ذلك لا يلزمه إلا بتمام الحول ولا يتوجه إليه معنى قوله خشية الصدقة إلا حينئذٍ، وهذا يقتضي على اصطلاح المؤلّف بإرادة الحنفية اختصاصهم بذلك لكن الشافعي وغيره يقولون بذلك أيضًا وأجيب بأن الشافعي وغيره وإن قالوا لا زكاة عليه لا يقولون لا شيء عليه لأنهم يلومونه على هذه النية، لكن. قال البرماوي: إنما يلام إذا كان حرامًا ولكن هو مكروه، وقال مالك: من فوت من ماله شيئًا ينوي به الفرار من الزكاة قبل الحول بشهر أو نحوه لزمته الزكاة عند الحول لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خشية الصدقة.
٦٩٥٧ - حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ، يَفِرُّ مِنْهُ صَاحِبُهُ فَيَطْلُبُهُ، وَيَقُولُ: أَنَا كَنْزُكَ قَالَ: وَاللَّهِ لَنْ يَزَالَ يَطْلُبُهُ حَتَّى يَبْسُطَ يَدَهُ فَيُلْقِمَهَا فَاهُ».
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (إسحاق) هو ابن راهويه كما جزم به أبو نعيم في المستخرج قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (معمر) هو ابن راشد الأزدي مولاهم أبو عروة البصري (عن همام) هو ابن منبه (عن أبي هريرة رضي الله عنه) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(يكون كنز أحدكم) وهو المال الذي يخبأ من غير أن تؤدّى زكاته (يوم القيامة شجاعًا) بضم الشين المعجمة بعدها جيم ذكر الحيات أو الذي يقوم على ذنبه ويواثب الراجل والفارس وربما بلغ الفارس (أقرع) لا شعر على رأسه لكثرة سمه وطول عمره (يفر منه صاحبه فيطلبه) ولأبي ذر ويطلبه بالواو بدل الفاء (ويقول أنا كنزك قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (والله لن يزال) ولأبي ذر عن الكشميهني لا يزال (يطلبه حتى يبسط) صاحب المال (يده فيلقمها) بضم التحتية وفتح الميم (فاه). أي يلقم صاحب المال يده فم الشجاع وفي رواية أبي صالح عن أبي هريرة في الزكاة فيأخذ بلهزمتيه أي يأخذ الشجاع يد صاحب المال بشدقيه وهما اللهزمتان.
٦٩٥٨ - وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا مَا رَبُّ النَّعَمِ لَمْ يُعْطِ حَقَّهَا تُسَلَّطُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَخْبِطُ وَجْهَهُ بِأَخْفَافِهَا». وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِى رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ فَخَافَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ فَبَاعَهَا بِإِبِلٍ مِثْلِهَا، أَوْ بِغَنَمٍ أَوْ بِبَقَرٍ أَوْ بِدَرَاهِمَ فِرَارًا مِنَ الصَّدَقَةِ بِيَوْمٍ احْتِيَالاً، فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ وَهْوَ يَقُولُ: إِنْ زَكَّى إِبِلَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ بِيَوْمٍ أَوْ بِسَنَةٍ جَازَتْ عَنْهُ.
(وقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بالسند السابق (إذا ما رب النعم) بفتح النون والمهملة وما زائدة أي إذا مالك الإبل (لم يعط حقها) أي زكاتها (تسلط عليه يوم القيامة تخبط) بفتح الفوقية وسكون المعجمة وكسر الموحدة بعدها طاء مهملة ولأبي ذر فتخبط (وجهه بأخفافها) جمع خف وهو للإبل كالظلف للشاة.
ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إن فيه منع الزكاة بأيّ وجه كان من الوجوه المذكورة قاله العيني، وقال في الفتح وفي رواية أبي صالح: من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعًا أقرع فذكر نحو حديث الباب قال: وبه تظهر مناسبة ذكره في هذا الباب.
(وقال بعض الناس) يريد الإمام أبا حنيفة (في رجل له إبل فخاف أن تجب عليه الصدقة فباعها بإبل مثلها أو بغنم أو ببقر أو بدراهم فرارًا من الصدقة) الواجبة قبل الحول (بيوم احتيالاً فلا بأس) ولأبي ذر فلا شيء (عليه وهو) أي والحال أنه (يقول: إن زكى إبله قبل أن يحول الحول بيوم أو بسنة) ولأبي ذر أو بستة بكسر السين بعدها فوقية مشددة بدل النون (جازت) ولأبي ذر عن الكشميهني: أجزأت (عنه) التزكية قبل الحول فإذا كان التقديم على الحول مجزئًا فليكن التصرف فيها قبل الحول غير مسقط. وأجيب: بأن أبا حنيفة لم يتناقض في ذلك لأنه لا يوجب الزكاة إلا بتمام الحول ويجعل من قدّمها كمن قدم دينًا مؤجلاً قبل أن يحل.
٦٩٥٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الأَنْصَارِىُّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اقْضِهِ عَنْهَا».
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِذَا بَلَغَتِ الإِبِلُ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ وَهَبَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ، أَوْ بَاعَهَا فِرَارًا وَاحْتِيَالاً لإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَتْلَفَهَا فَمَاتَ فَلَا شَىْءَ فِى مَالِهِ.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البغلاني بفتح الموحدة وسكون المعجمة قال: (حدّثنا ليث) هو ابن سعد الإمام المشهور (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- أنه (قال: استفتى سعد بن عبادة الأنصاري) -رضي الله عنه- (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ندر) صيام أو عتق أو صدقة أو غيرها (كان على أمه) عمرة (توفيت قبل أن تقضيه فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(اقضه عنها) قال المهلب فيما نقله عنه في الفتح فيه حجة على أن الزكاة لا تسقط