سابقه من عطف الخاص على العام (وما يكره من البخل) وهو منع ما يطلب مما يقتنى وشره ما كان طالبه مستحقًا ولا سيما إن كان من غير مال المسؤول. وقوله: وما يكره من البخل يشير إلى أن بعض ما يطلق عليه اسم البخل قد لا يكون مذمومًا.
(وقال ابن عباس) ﵄ مما وصله المؤلّف في الإيمان (كان النبي ﷺ أجود الناس وأجود ما يكون) أي أجود أكوانه ﷺ حاصل (في رمضان) لمجموع ما في بقية الحديث من نزول القرآن والنازل به وهو جبريل والمذاكرة وهي مدارسة القرآن مع الوقت وهو شهر رمضان.
(وقال) ولأبي ذر عن الكشميهني وكان (أبو ذر) جندب الغفاري مما وصله المؤلّف بطوله في المبعث النبوي (لما بلغه مبعث النبي ﷺ قال لأخيه) أنيس (اركب إلى هذا الوادي) وادي مكة (فاسمع من قوله) ﷺ فأتى أنيس النبي ﷺ وسمع منه (فرجع) أي ثم رجع فالفاء فصيحة (فقال) لأخيه أبي ذر (رأيته) صلوات الله وسلامهُ عليه (يأمر بمكارم الأخلاق) جمع مكرمة بضم الراء وهي الكرم أي الفضائل والمحاسن.
٦٠٣٣ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِىُّ ﷺ قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ وَهْوَ يَقُولُ: «لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا» وَهْوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِى طَلْحَةَ عُرْىٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ فِى عُنُقِهِ سَيْفٌ فَقَالَ: «لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ».
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن عون) الواسطي قال: (حدّثنا حماد هو ابن زيد) أي ابن درهم الإمام أبو إسماعيل الأزدي (عن ثابت) البناني (عن أنس) ﵁ أنه (قال: كان النبي ﷺ أحسن الناس) خلقًا وخُلقًا (وأجود الناس) أي أكثرهم إعطاءً لما يقدر عليه (وأشجع الناس) أي
أكثرهم إقدامًا إلى العدوّ في الجهاد مع عدم الفرار وحسن الصورة تابع لاعتدال المزاج وهو مستتبع لصفاء النفس الذي به جودة القريحة ونحوها وهذه الثلاث هي أمهات الأخلاق (ولقد فزع) بكسر الزاي أي خاف (أهل المدينة) لما سمعوا صوتًا في الليل أن يهجم عليهم عدوّ (ذات ليلة) لفظ ذات مقحمة (فانطلق الناس قِبل الصوت) أي جهته (فاستقبلهم النبي ﷺ قد سبق الناس إلى الصوت) واستكشف الخبر فلم يجد ما يخاف منه فرجع (وهو يقول): لهم تأنيسًا وتسكينًا لروعهم:
(لن تراعوا لن تراعوا) مرتين ولأبي ذر لم تراعوا بالميم فيهما قال الكرماني وغيره: أي لا تراعوا جحد بمعنى النهي أي لا تفزعوا، وقال صاحب المصابيح في قول التنقيح: لم بمعنى لا ومعناه لا تفزعوا لا أعلم أحدًا من النحاة قال بأن لم ترد بمعنى لا الناهية فحرّره (وهو) أي والحال أنه ﷺ (على فرس) اسمه مندوب (لأبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري (عري ما عليه سرج) تفسير لسابقه (في عنقه سيف فقال: لقد وجدته) أي الفرس (بحرًا أو إنه لبحر) أي كالبحر في سعة جريه.
والحديث سبق في الجهاد.
٦٠٣٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا ﵁ يَقُولُ: مَا سُئِلَ النَّبِىُّ ﷺ عَنْ شَىْءٍ قَطُّ فَقَالَ: لَا.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) العبدي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن ابن المنكدر) محمد أنه (قال: سمعت جابرًا ﵁ يقول: ما سئل النبي ﷺ عن شيء قط) أي ما طلب منه شيء. قال الكرماني: من أقوال الدنيا (فقال: لا) قال الفرزدق:
ما قال لا قط إلا في تشهده … لولا التشهد كانت لاءه نعم
وعند ابن سعد من مرسل ابن الحنفية إذا سئل فأراد أن يفعل قال: نعم، وإذا لم يرد أن يفعل يسكت ففيه أنه لا ينطق بالرد، بل إن كان عنده وكان الإعطاء سائغًا أعطى وإلاّ سكت.
وحديث الباب أخرجه في فضائل النبي ﷺ والترمذي في الشمائل.
٦٠٣٥ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِى شَقِيقٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يُحَدِّثُنَا إِذْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا».
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث النخعي الكوفي قاضيها قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (قال: حدثني) بالإفراد (شقيق) هو ابن سلمة (عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه (قال: كنا جلوسًا مع عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن العاص ﵁ حال كونه (يحدّثنا