ابن مردويه في تفسيره مرفوعًا: إن السماوات السبع والأرضين السبع عند الكرسي كحلقة ملقاة بأرض فلاة وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة.
(قال أبو العالية) رفيع بن مهران الرياحي في قوله تعالى: ({استوى إلى السماء}) معناه (ارتفع) وهذا وصله الطبري، وقال أبو العالية أيضًا في قوله تعالى:({فسوّاهن}[البقرة: ٢٩]) أي (خلقهن) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فسوّى أي خلق.
(وقال مجاهد) المفسر في قوله تعالى: ({استوى}){على العرش}[الأعراف: ٥٤] أي (علا على العرش) وهذا وصله الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه. قال ابن بطال: وهذا صحيح وهو المذهب الحق، وقول أهل السُّنّة لأن الله سبحانه وتعالى وصف نفسه بالعلي، وقال سبحانه وتعالى:{عما يشركون} وهي صفة من صفات الذات. قال في المصابيح: وما قاله مجاهد من أنه بمعنى علا ارتضاه غير واحد من أئمة أهل السُّنَّة ودفعوا اعتراض من قال علا بمعنى ارتفع من
غير فرق، وقد أبطلتموه لما في ظاهره من الانتقال من سفل إلى علو وهو محال على الله فليكن علا كذلك، ووجه الدفع أن الله تعالى وصف نفسه بالعلوّ ولم يصف نفسه بالارتفاع. وقال المعتزلة: معناه الاستيلاء بالقهر والغلبة وردّ بأنه تعالى لم يزل قاهرًا غالبًا مستوليًا. وقوله: ثم استوى يقتضي افتتاح هذا الوصف بعد أن لم يكن ولازم تأويلهم أنه كان مغالبًا فيه فاستولى عليه بقهر من غالبه وهذا مُنتَفٍ عن الله. وقالت المجسمة: معناه الاستقرار ودفع بأن الاستقرار من صفات الأجسام ويلزم منه الحلول وهو مُحال في حقه تعالى. وعند أبي القاسم اللالكائي في كتاب السُّنّة من طريق الحسن البصري عن أمه عن أم سلمة أنها قالت: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإقرار به إيمان والجحود به كفر ومن طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سئل كيف استوى على العرش؟ قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول وعلى الله الرسالة وعلى رسوله البلاغ وعلينا التسليم.
(وقال ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما وصله ابن أبي حاتم في تفسير ({المجيد}) من قوله تعالى: {ذو العرش المجيد}[البروج: ١٥] أي (الكريم) والمجد النهاية في الكرم ({والودود}) أي من قوله تعالى: ({الغفور الودود}[البروج: ١٤] أي (الحبيب) قال في اللباب والودود مبالغة في الودّ، وقال ابن عباس: هو التودّد لعباده بالعفو، وقال في الفتح: وقدم المصنف المجيد على الودود لأن غرضه تفسير لفظ المجيد الواقع في قوله تعالى: {ذو العرش المجيد} فلما فسره استطرد التفسير الاسم الذي قبله إشارة إلى أنه قرئ مرفوعًا اتفاقًا وذو العرش بالرفع صفة له واختلف القراء في المجيد فبالرفع يكون من صفات الله وبالجر من صفات العرش. (يقال حميد مجيد كأنه فعيل) أي كأن مجيدًا على وزن فعيل أخذ (من ماجد) و (محمود) أخذ (من حميد) وللكشميهني من حمد بغير ياء فعلاً ماضيًا كذا في الفرع. وقال في الفتح: كذا لهم بغير ياء ولغير أبي ذر عن الكشميهني محمود من حميد وأصل هذا قول أبي عبيدة في المجاز في قوله تعالى: {عليكم أهل البيت}[هود: ٧٣] أنه حميد مجيد أي محمود ماجد. وقال الكرماني: غرضه منه أن مجيدًا فعيل بمعنى فاعل كقدير بمعنى قادر وحميدًا فعيل بمعنى مفعول فلذلك قال: مجيد من ماجد وحميد من محمود. قال: وفي بعض النسخ محمود من حميد، وفي أخرى محمود من حمد مبنيًّا للفاعل والمفعول أيضًا وإنما قال كأنه لاحتمال أن يكون حميد بمعنى حامد ومجيد بمعنى ممجد ثم قال وفي عبارة البخاري تعقيد، قال في الفتح التعقيد هو في قوله محمود من حمد وقد اختلف الرواة فيه والأولى فيه ما وجد في أصله وهو كلام أبي عبيدة اهـ.
قال العيني: قوله التعقيد في قوله محمود من حمد هو كلام من لم يذق من علم التصريف شيئًا بل لفظ محمود مشتق من حمد والتعقيد الذي ذكره الكرماني ونسبه إلى البخاري هو قوله، ومحمود أخذ من حميد لا أن محمودًا من حمد وإنما كلاهما أخذا من حمد الماضي اهـ.