محمد بن ميمون ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أخبرنا أبو حمزة (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (عن جامع بن شداد) بفتح الشين المعجمة والدال المهملة المشددة أبي صخرة المحاربي (عن صفوان بن محرز) بضم الميم وسكون الحاء المهملة وبعد الراء زاي البصري (عن عمران بن حصين) بالحاء والصاد المهملتين مصغرًا -رضي الله عنه- أنه (قال: إني عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ جاءه قوم من بني تميم فقال):
(اقبلوا البشرى يا بني تميم) قال في فتح الباري: المراد بهذه البشارة أن من أسلم نجا من الخلود في النار ثم بعد ذلك يترتب جزاؤه على وفق عمله إلا أن يعفو الله ولما كان جلّ قصدهم الاهتمام بالدنيا والاستعطاء (قالوا: بشرتنا) النجاة من النار وقد جئنا للاستعطاء من المال (فأعطنا) منه زاد في بدء الخلق فتغير وجهه (فدخل ناس من أهل اليمن) وهم الأشعريون قوم أبي موسى (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لهم:(أقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم. قالوا: قبلنا) ذلك وزاد ابن حبان من رواية شيبان بن عبد الرحمن عن جامع يا رسول الله (جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن هذا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي عن أوّل هذا (الأمر) أي ابتداء خلق العالم (ما كان) قال الحافظ ابن حجر: ولم أعرف اسم قائل ذلك من أهل اليمن (قال) عليه الصلاة والسلام مجيبًا لهم (كان الله) في الأزل منفردًا متوحدًا (ولم يكن شيء قبله) وفي رواية أبي معاوية كان الله قبل كل شيء. وقال الطيبي: قوله ولم يكن شيء قبله حال، وفي المذهب الكوفي خبر والمعنى يساعده إذ التقدير كان الله منفردًا وقد جوّز الأخفش دخول الواو في خبر كان وأخواتها نحو: كان زيد وأبوه قائم على جعل الجملة خبرًا مع الواو تشبيهًا للخبر بالحال، ومال التوربشتي إلى أنهما جملتان مستقلتان (وكان عرشه على الماء) قال الطيبي: كان في الموضعين بحسب حال مدخولها، فالمراد بالأول الأزلية والقدم وبالثاني الحدوث بعد العدم، ثم قال: والحاصل أن عطف قوله وكان عرشه على الماء على قوله كان الله من باب الإخبار عن حصول الجملتين في الوجود وتفويض الترتيب إلى الذهن قالوا وفيه بمنزلة ثم، وقال في الكواكب قوله وكان عرشه على الماء معطوف على قوله كان الله ولا يلزم منه المعية إذ اللازم من الواو العاطفة الاجتماع في أصل الثبوت وإن كان هناك تقديم
وتأخير. قال غيره: ومن ثم جاء قوله ولم يكن شيء غيره لنفي توهم المعية ولذا ذكر المؤلف رحمه الله الآية الثانية في أول الباب عقب الآية الأولى ليرد توهم من توهم من قوله كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء أن العرش لم يزل مع الله (ثم) بعد خلق العرش والماء (خلق السماوات والأرض وكتب) أي قدّر (في) محل (الذكر) وهو اللوح المحفوظ (كل شيء) من الكائنات. قال عمران بن حصين (ثم أتاني رجل) لم يسم (فقال: يا عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت فانطلقت أطلبها فإذا السراب) الذي يُرى في شدة القيظ كأنه ماء (ينقطع دونها) أي يحول بيني وبين رؤيتها (وايم الله) وفي بدء الخلق فوالله (لوددت) بكسر الدال الأولى وسكون الثانية (أنها) أي ناقتي (قد ذهبت ولم أقم) قبل تمام الحديث تأسف على ما فاته منه.
وبه قال:(حدّثنا علي بن عبد الله) بن المديني قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن همام) بفتح الهاء والميم المشددة ابن منبه أنه قال: (حدّثنا أبو هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(إن يمين الله) عز وجل (ملأى) بفتح الميم وسكون اللام بعدها همزة (لا يغيضها) بالتحتية ولأبي ذر بالفوقية لا ينقصها (نفقة سحاء الليل والنهار) بالسين والحاء المهملتين بالمد والرفع دائمة الصب والهطل بالعطاء (أرأيتم ما أنفق منذ) ولأبي ذر ما أنفق الله منذ (خلق السماوات والأرض فإنه لم ينقص) بالقاف والصاد المهملة (ما في يمينه)