وفي الرواية السابقة في باب قول الله تعالى: {لما خلقت بيدي} [ص: ٧٥] فإنه لم يغض بالعين والضاد المعجمتين ما في يده وهما بمعنى (وعرشه على الماء) الذي تحته لا ماء البحر (وبيده الأخرى الفيض) بالفاء والضاد المعجمة أي فيض الإحسان بالعطاء (أو القبض) بالقاف والموحدة والمعجمة أي قبض الأرواح بالموت وقد يكون الفيض بالفاء بمعنى الموت يقال: فاضت نفسه إذا مات وأو للشك كما في الفتح وقال الكرماني: ليست للترديد بل للتنويع ويحتمل أن يكون شكًّا من الراوي قال والأول هو الأولى (يرفع) أقوامًا (ويخفض) آخرين، وسبق قريبًا ومطابقة الحديث في قوله وعرشه على الماء.
٧٤٢٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو فَجَعَلَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ». قَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ. قَالَ: فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ
عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِى اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ.
وَعَنْ ثَابِتٍ: {وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ} [الأحزاب: ٣٧] نَزَلَتْ فِى شَأْنِ زَيْنَبَ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ.
وبه قال: (حدّثنا أحمد) هو أحمد بن سيار المروزي فيما قاله أبو نصر الكلاباذي أو أحمد بن النضر النيسابوري فيما قاله الحكم قال: (حدّثنا محمد بن أبي بكر المقدمي) بضم الميم وفتح القاف والدال المهملة المفتوحة المشددة قال: (حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم الإمام أبو إسماعيل الأزرق (عن ثابت) البناني (عن أنس) -رضي الله عنه- أنه (قال: جاء زيد بن حارثة) مولى رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يشكو) له من أخلاق زوجته زينب بنت جحش (فجعل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما أراد زيد طلاقها وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحب أن يطلقها (يقول) له:
(اتق الله) يا زيد (وأمسك عليك زوجك) فلا تطلقها (قالت عائشة) -رضي الله عنها- بالسند السابق ولأبي ذر قال أنس بدل قالت عائشة (لو كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كاتمًا شيئًا لكتم هذه) الآية {وتخفي في نفسك ما الله مبديوه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} [الأحزاب: ٣٧] (قال) أنس (فكانت زينب تفخر على أزواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر كانت بالواو بدل الفاء تفخر بإسقاط زينب (تقول: زوجكن أهاليكن) به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وزوجني الله تعالى) به (من فوق سبع سماوات. وعن ثابت) البناني بالسند السابق ({وتخفي في نفسك ما الله مبديه}) أي مظهره وهو ما أعلمه الله بأن زيدًا سيطلقها ثم ينكحها ({وتخشى الناس}) أي مقالة الناس إنه نكح امرأة ابنه (نزلت في شأن زينب وزيد بن حارثة) -رضي الله عنهما-.
٧٤٢١ - حَدَّثَنَا خَلَاّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ: نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ فِى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَأَطْعَمَ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ خُبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَنْكَحَنِى فِى السَّمَاءِ.
وبه قال: (حدّثنا خلاد بن يحيى) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام السلمي بضم السين وفتح اللام الكوفي ثم المكي قال: (حدّثنا عيسى بن طهمان) بفتح الطاء المهملة وسكون الهاء البصري (قال: سمعت أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: نزلت آية الحجاب) {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي} [الأحزاب: ٥٣] الآية. (في زينب بنت جحش) -رضي الله عنها- (وأطعم عليها) أي على وليمتها (يومئذ) الناس (خبزًا ولحمًا) كثيرًا (وكانت تفخر على نساء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكانت تقول: إن الله) عز وجل (أنكحني) به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (في السماء) حيث قال تعالى: {زوجناكها} [الأحزاب: ٣٧] وذات الله تعالى منزّهة عن المكان والجهة، فالمراد بقولها في السماء الإشارة إلى علو الذات والصفات وليس ذلك باعتبار أن محله تعالى في السماء تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، وعند ابن سعد عن أنس قالت زينب: يا رسول الله لست كأحد من نسائك ليست
منهن امرأة إلا زوّجها أبوها أو أخوها أو أهلها. ومن حديث أم سلمة قالت زينب: ما أنا كأحد من نساء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنهن زُوّجهنّ بالمهور وزوّجهن الآباء وأنا زوّجني الله ورسوله وأُنزل فيّ القرآن، وفي مرسل الشعبي مما أخرجه الطبري وأبو القاسم الطلحي في كتاب الحجة والبيان قال: كانت زينب تقول للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أنا أعظم نسائك عليك حقًّا أنا خيرهن منكحًا وأكرمهن سفيرًا وأقربهن رحمًا زوّجنيك الرحمن من فوق عرشه، وكان جبريل هو السفير بذلك وأنا ابنة عمتك وليس لك من نسائك قريبة غيري.
وهذا الحديث آخر ما وقع في البخاري من ثلاثياته وهو الثالث والعشرون وأخرجه النسائي في عشرة النساء وفي النكاح والنعوت.
٧٤٢٢ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، إِنَّ رَحْمَتِى سَبَقَتْ غَضَبِى».
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن