للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بطن نمرة سبعة أميال، وقيل ثمانية. ومن طريق جدة عشرة أميال. وقال

الرافعي: هو من طريق المدينة على ثلاثة أميال، ومن العراق على سبعة، ومن الجعرانة على تسعة، ومن الطائف على سبعة، ومن جدة على عشرة وقد نظم ذلك بعضهم فقال:

وللحرم التحديد من أرض طيبة ... ثلاثة أميال إذا رمت اتقانه

وسبعة أميال عراق وطائف ... وجدة عشر ثم تسع جعرانه

وزاد أبو الفضل النويري هنا بيتين فقال:

ومن يمن سبع بتقديم سينها ... فسل ربك الوهاب يرزقك غفرانه

وقد زيد في حد لطائف أربع ... ولم يرض جمهور لذا القول رجحانه

وقال ابن سراقة في كتابه الإعداد: والحرم في الأرض موضع واحد وهو مكة وما حولها ومسافة ذلك ستة عشر ميلاً في مثلها وذلك بريد واحد وثلث على الترتيب، والسبب في بُعد بعض الحدود وقرب بعضها ما قيل إن الله تعالى لما أهبط على آدم بيتًا من ياقوتة أضاء له ما بين المشرق والمغرب فنفرت الجن والشياطين ليقربوا منها فاستعاذ منهم بالله وخاف على نفسه منهم، فبعث الله ملائكة فحفوا بمكة فوقفوا مكان الحرم، وذكر بعض أهل الكشف والمشاهدات أنهم يشاهدون تلك الأنوار واصلة إلى حدود الحرم فحدود الحرم موضع وقوف الملائكة، وقيل: إن الخليل لما وضع الحجر الأسود في الركن أضاء له نور وصل إلى أماكن الحدود فجاءت الشياطين فوقفت عند الأعلام فبناها الخليل عليه السلام حاجزًا. رواه مجاهد عن ابن عباس، وعنه أن جبريل عليه السلام أرى إبراهيم عليه السلام موضع أنصاب الحرم فنصبها، ثم جددها إسماعيل عليه السلام، ثم جددها قصي بن كلاب، ثم جددها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلما ولي عمر -رضي الله عنه- بعث أربعة من قريش فنصبوا أنصاب الحرم، ثم جددها معاوية -رضي الله عنه-، ثم عبد الملك بن مروان.

(وقوله تعالى) بالجر عطفًا على سابقه المجرور بالإضافة ({إنما أمرت}) أي قل لهم يا محمد إنما أمرت ({أن أعبد رب هذه البلدة}) مكة ({الذي حرمها}) لا يسفك فيها دم حرام ولا يظلم فيها أحد ولا يهاج صيدها ولا يختلى خلاها، وتخصيص مكة بهذه الأوصاف تشريف لها وتعظيم لشأنها والذي بالذال في موضع نصب نعت لرب ({وله كل شيء}) البلدة وغيرها خلقًا وملكًا ({وأمرت أن أكون من المسلمين}) [النمل: ٩١] المنقادين الثابتين على الإسلام، ووجه تعلق هذه الآية بالترجمة من حيث أنه اختصها من بين جميع البلاد بإضافة اسمه إليها لأنها أحب بلاده إليه وأكرمها عليه وموطن نبيه ومهبط وحيه.

(وقوله جل ذكره) بالجر عطفًا على السابق ({أو لم نمكن لهم حرمًا آمنًا}) أو لم نجعل مكانهم حرمًا ذا أمن بحرمة البيت الذي فيه ({يجبى إليه}) يحمل إليه ويجمع فيه ({ثمرات كل شيء رزقًا من لدنا}) مصدر من معنى يجبى لأنه في معنى يرزق أو مفعول له أو حال بمعنى مرزوقًا من ثمرات، وجاز لتخصيصها بالإِضافة أي إذا كان هذا حالهم وهم عبدة الأصنام فكيف يعترضهم التخوف

والتخطف إذا ضموا إلى حرمة البيت حرمة التوحيد. ({ولكن أكثرهم لا يعلمون}) [القصص: ٥٧] جهلة لا يتفكّرون هذه النعم التي خصوا بها. وروى النسائي أن الحرث بن عامر بن نوفل قال للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا فأنزل الله تعالى ردًّا عليه {أولم نمكن لهم حرمًا آمنًا} الآية.

١٥٨٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَاّ مَنْ عَرَّفَهَا".

وبالسند قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا جرير بن عبد الحميد) بفتح الجيم، وعبد الحميد بفتح الحاء المهملة وكسر الميم ابن قرط بضم القاف وسكون الراء بعدها طاء مهملة الضبي الكوفي نزيل الري وقاضيها (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن مجاهد) هو ابن جبر المفسر (عن طاوس) هو ابن كيسان اليماني (عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>