للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن مطعم (عن أبيه جبير بن مطعم قال أضللت بعيرًا) أي أضعته أو ذهب هو زاد إسحاق بن راويه في مسنده في الجاهلية وزاد المؤلّف في غير رواية أبي ذر وابن عساكر لي (فذهبت أطلبه يوم عرفة)، أي في يوم عرفة متعلق بأضللت (فرأيت النبي واقفًا بعرفة) قال جبير: (فقلت: هذا) أي النبي (والله من الحمس،) بحاء مهملة مضمومة وميم ساكنة.

قال في القاموس: والحمس الأمكنة الصلبة جمع أحمس، وبه لقبت قريش وكنانة وجديلة ومن تابعهم لتحمسهم في دينهم أو لالتجائهم للحمساء وهي الكعبة لأن حجرها أبيض يميل إلى السواد اهـ.

وهذا الأخير رواه إبراهيم الجرمي في غريب الحديث من طريق عبد العزيز بن عمر، والأول أكثر وأشهر.

وقال ابن إسحاق: كانت قريش لا أدري قبل الفيل أو بعده ابتدعت أمر الحمس رأيًا فتركوا الوقوف على عرفة والإفاضة منها وهم يعرفون ويقرّون أنها من المشاعر والحج إلا أنهم قالوا: نحن أهل الحرم ونحن الحمس والحمس أهل الحرم. قالوا: ولا ينبغي للحمس أن يتأقطوا الأقط ولا يسلوا السمن وهم حرم، ولا يدخلوا بيتًا من شعر، ولا يستظلوا إن استظلوا إلا في بيوت الأدم ما كانوا حرمًا، ثم قالوا: لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاؤوا به معهم من الحل إلى الحرم إذا جاؤوا حجابًا أو عمارًا ولا يطوفوا بالبيت إذا قدموا طوافهم إلا في ثياب الحمس.

(فما شأنه هاهنا)؟ تعجب من جبير وإنكار منه لما رأى النبي واقفًا بعرفة فقال: هو من الحمس فما باله يقف بعرفة والحمس لا يقفون بها لأنهم لا يخرجون من الحرم؟ وعند الحميدي عن سفيان: وكان الشيطان قد استهواهم فقال لهم: إنكم إن عظمتم غير حرمكم استخف الناس بحرمكم فكانوا لا يخرجون من الحرم، وعند الإسماعيلي وكانوا يقولون: نحن أهل الله لا نخرج من الحرم وكان سائر الناس يقف بعرفة وذلك قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾؟ [البقرة: ١٩٩].

وهذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي في الحج.

١٦٦٥ - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ عُرْوَةُ "كَانَ النَّاسُ يَطُوفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عُرَاةً إِلاَّ الْحُمْسَ -وَالْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ- وَكَانَتِ الْحُمْسُ يَحْتَسِبُونَ عَلَى النَّاسِ، يُعْطِي الرَّجُلُ الرَّجُلَ الثِّيَابَ يَطُوفُ فِيهَا، وَتُعْطِي الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ الثِّيَابَ تَطُوفُ فِيهَا، فَمَنْ لَمْ يُعْطِهِ الْحُمْسُ طَافَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا. وَكَانَ يُفِيضُ جَمَاعَةُ النَّاسِ مِنْ عَرَفَاتٍ وَيُفِيضُ الْحُمْسُ مِنْ جَمْعٍ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْحُمْسِ ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ قَالَ: كَانُوا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ فَدُفِعُوا إِلَى عَرَفَاتٍ".

[الحديث ١٦٦٥ - طرفه في: ٤٥٢٠].

وبالسند قال: (حدّثنا فروة بن أبي المغراء) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة آخره راء ممدود وفروة بفتح الفاء والواو بينهما راء ساكنة الكندي الكوفي قال: (حدّثنا عليّ بن مسهر) بضم الميم وسكون السين المهملة وكسر الهاء قاضي الموصل (عن هشام بن عروة) بن الزبير (قال عروة): أبو هشام (كان الناس يطوفون في الجاهلية) بالكعبة حال كونهم (عراة إلا الحمس والحمس قريش وما ولدت) من أمهاتهم وعبر بما دون من لقصد التعميم وزاد معمر، وكان ممن ولدت قريش خزاعة وبنو كنانة وبنو عامر بن صعصعة. وعند إبراهيم الجرمي: وكانت قريش إذا خطب إليهم الغريب

اشترطوا عليه أن ولدها على دينهم فدخل في الحمس من غير قريش ثقيف وليث وخزاعة وبنو عامر بن صعصعة يعني وغيرهم، وعرف بهذا أن المراد بهذه القبائل من كانت له من أمهاته قرشية لا جميع القبائل المذكورة.

(وكانت الحمس يحتسبون على الناس) يعطونهم حسبة لله (يعطي الرجل الرجل الثياب يطوف فيها، وتعطي المرأة المرأة الثياب تطوف فيها فمن لم تعطه الحمس) ثيابًا (طاف بابيت عريانًا وكان يفيض جماعة الناس) أي غير الحمس يدفعون (من عرفات).

قال الزمخشري: عرفات علم للموقف سمي بجمع كاذرعات.

فإن قلت: هلا منعت الصرف وفيها السببان التعريف والتأنيث؟ قلت: لا يخلو التأنيث إما أن يكون بالتاء التي في لفظها وإما بتاء مقدرة كما في سعاد فالتي في لفظها ليست للتأنيث وإنما هي مع الألف التي قبلها علامة جمع المؤنث، ولا يصح تقدير التاء فيها لأن هذه التاء لاختصاصها بجمع المؤنث مانعة من تقديرها كما لا تقدر تاء التأنيث في بنت لأن التاء التي هي بدل من الواو ولاختصاصها بالمؤنث كتاء فأبت تقديرها.

وتعقبه ابن المنير بأنه يلزمه إذا سمى امرأة بمسلمات أن يصرفه وهو قول رديء والأفصح تنوينه وهو يرى أن تنوين عرفات للتمكين لا للمقابلة ولم يعدّ تنوين المقابلة في مفصله بناء منه على أنه راجع إلى التمكين،

<<  <  ج: ص:  >  >>