للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى: ﴿ليقض علينا ربك﴾ [الزخرف: ٧٧] والكتابة قال تعالى: ﴿وكان أمرًا مقضيًّا﴾ [مريم: ٢١] أي مكتوبًا في اللوح المحفوظ والفصل قال تعالى: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ [يونس: ٥٤] والخلق قال تعالى: ﴿فقضاهن سبع سماوات في يومين﴾ [فصّلت: ١٢].

(وقال الحسن) البصري: (أخذ الله على الحكام) بضم الحاء المهملة وتشديد الكاف جمع حاكم (أن لا يتبعوا الهوى) أي هوى النفس في قضائهم (ولا يخشوا الناس) كخشية سلطان ظالم أو خيفة أذية أحد (ولا يشتروا بآياتي) ولأبي ذر بآياته (ثمنًا قليلاً) وهو الرشوة وابتغاء الجاه ورضا الناس (ثم قرأ) الحسن: (﴿يا داود إنّا جعلناك خليفة في الأرض﴾) تدبر أمر الناس (﴿فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى﴾) ما تهوى النفس (﴿فيضلك﴾) الهوى (﴿عن سبيل الله﴾) أي عن الدلائل الدالة على توحيد الله (﴿إن الذين يضلون عن سبيل الله﴾) عن الإيمان بالله (﴿لهم عذاب شديد

بما نسوا﴾) بسبب نسيانهم (﴿يوم الحساب﴾ [ص: ٢٦]) المرتب عليه تركهم الإيمان ولو أيقنوا بيوم الحساب لآمنوا في الدنيا قال ابن كثير هذه وصية من الله ﷿ لولاة الأمور أن يحكموا بين الناس بالحق المنزل من عنده ولا يعدلوا عنه فيضلوا عن سبيله وقد توعد سبحانه من ضل عن سبيله وتناسى يوم الحساب بالوعيد الأكيد والعذاب الشديد.

(وقرأ) الحسن أيضًا (﴿إنَّا أنزلنا التوراة فيها هدى﴾) يهدي إلى الحق (﴿ونور﴾) يكشف ما استبهم من الأحكام (﴿يحكم بها النبيون الذين أسلموا﴾) انقادوا لحكم الله وهو صفة أجريت للتبيين على سبيل المدح (﴿للذين هادوا﴾) تابوا من الكفر (﴿والرَّبانيون والأحبار﴾) الزهاد والعلماء معطوفان على النبيون (﴿بما استحفظوا﴾) أي استودعوا (﴿من كتاب الله﴾) من للتبيين والضمير في استحفظوا للأنبياء والربانيين والأحبار والاستحفاظ من الله أي كلفهم الله حفظه (﴿وكانوا عليه شهداء﴾) رقباء لئلا يبدل (﴿فلا تخشوا الناس واخشونِ﴾) نهي للحكام أن يخشوا غير الله في حكوماتهم ويداهنوا فيها خشية ظالم أو كبير (﴿ولا تشتروا بآياتي﴾) ولا تستبدلوا بأحكامي التي أنزلتها (﴿ثمنًا قليلاً ومن لم يحكم بما أنزل الله﴾) مستهينًا به (﴿فأولئك هم الكافرون﴾ [المائدة: ٤٤]) قال ابن عباس: من لم يحكم جاحدًا فهو كافر وإن لم يكن جاحدًا فهو فاسق ظالم (بما استحفظوا): أي (استودعوا من كتاب الله) وهذا ثابت في رواية المستملي وسقط لأبي ذر قوله يحكم بها النبيون الخ.

(وقرأ) الحسن أيضًا (﴿وداود وسليمان﴾) أي واذكرهما (﴿إذ يحكمان في الحرث﴾) الزرع أو الكرم (﴿إذ نفشت فيه غنم القوم﴾) أي رعته ليلاً بلا راعٍ بأن انفلتت فأكلته وأفسدته (﴿وكنا لحكمهم﴾) أرادهما والمتحاكمين إليهما أو استعمل ضمير الجمع لاثنين (﴿شاهدين﴾) أي بعلمنا ومرأى منّا وكان داود قد حكم بالغنم لأهل الحرث وكانت قيمة الغنم على قدر النقصان في الحرث فقال سليمان وهو ابن إحدى عشرة سنة غير هذا أرفق بالفريقين فعزم عليه لتحكمن فقال: أرى أن تدفع الغنم إلى أهل الحرث ينتفعون بألبانها وأولادها وأصوافها والحرث إلى رب الغنم حتى يصلح الحرث ويعود لهيئته يوم أفسد ثم يترادّان فقال القضاء ما قضيت وأمضى الحكم بذلك (﴿ففهمناها﴾) أي الحكومة (﴿سليمان وكلاًّ﴾) منهما (﴿آتينا حكمًا﴾) نبوّة (﴿وعلمًا﴾) [الأنبياء: ٧٨، ٧٩] معرفة بموجب الحكم. قال الحسن: (فحمد) الله تعالى (سليمان) لموافقته الأرجح (ولم يلم داود) بفتح التحتية وضم اللام من اللوم لموافقته الراجح. وقال العيني: وفي نسخة ولم يذم بالذال المعجمة من الذم وتعقب بأن قول الحسن هذا لا يليق بمقام داود، فقد جمعهما الله تعالى في الحكم والعلم وميز سليمان بالفهم وهو علم خاص زاد على العام، والأصح أن داود أصاب الحكم وسليمان أرشد إلى الصلح. قال الحسن: (ولولا ما ذكر الله من أمر هذين) النبيين (لرأيت) بفتح الراء والهمزة جواب لو واللام فيه للتأكيد، ولأبي ذر عن الكشميهني: لرئيت بضم الراء وكسر الهمزة مشددة بعدها تحتية ساكنة مبنيًّا للمفعول، وسقط لأبي ذر أمر (أن القضاة) أي قضاة زمنه (هلكوا) لما تضمنه قوله تعالى: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله

فأولئك

<<  <  ج: ص:  >  >>