للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أجلساني إلى جنبه فأجلساه إلى جنب أبي بكر، قال: فجعل أبو بكر يصلّي وهو قائم) كذا للكشميهني وللباقين: يأتم (بالصلاة النبي) وللأصيلي: بصلاة رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والناس) يصلون (بصلاة أبي بكر) أي بتبليغه، (والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاعد) وأبو بكر والناس قائمون. فهو حجة واضحة لصحة إمامة القاعد المعذور للقائم.

وخالف في ذلك مالك في المشهور عنه، ومحمد بن الحسن فيما حكاه الطحاوي.

وقد أجاب الشافعي، عن الاستدلال، بحديث جابر عن الشعبي مرفوعًا: لا يؤمنّ أحد بعدي جالسًا، فقال: قد علم من احتج بهذا أن لا حجة له فيه، لأنه مرسل ومن رواية رجل يرغب أهل العلم عن الرواية عنه أي جابر الجعفي. ودعوى النسخ لا دليل عليها يحتج به.

(قال) ولأبوي ذر والوقت: وقال (عبيد الله) بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (فدخلت على عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما (فقلت له) مستفهمًا للعرض عليه: (ألا أعرض عليك ما حدّثتني) به (عائشة عن مرض النبي) ولأبي ذر وابن عساكر: عن مرض رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال) ابن عباس: (هات). بكسر آخره (فعرضت عليه حديثها) هذا (فما أنكر منه شيئًا، غير أنه قال أسمّت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت: لا، قال: هو علي) ولأبي ذر والأصيلي: علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ورواة هذا الحديث خمسة، والثلاثة الأُول منهم كوفيون، وفيه التحديث والعنعنة والقول.

وأخرجه مسلم والنسائي.

٦٨٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: "صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِهِ وَهْوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا». [الحديث ٦٨٨ - أطرافه في: ١١١٣، ١٢٣٦، ٥٦٥٨].

وبه قال (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة أم المؤمنين) رضي الله عنها (أنها قالت: صلّى رسول الله) وللأصيلي صلّى النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بيته) أي مشربته التي في حجرة عائشة بمن حضر عنده (وهو شاك) بتخفيف الكاف، وأصله شاكي، نحو قاض أصله قاضي، استثقلت الضمة على الياء فحذفت وللأربعة: شاكي، بإثبات الياء على الأصل، أي موجع من فك قدمه بسبب سقوطه عن فرسه، (فصلّى) حال كونه (جالسًا، وصلّى وراءه قوم) حال كونهم (قيامًا، فأشار إليهم) عليه الصلاة والسلام، وللحموي: عليهم (أن أجلسوا، فلما انصرف) من الصلاة (قال) (إنما جعل الإمام ليؤتم به) ليقتدى به ويتبع، ومن شأن التابع أن يأتي بمثل فعل متبوعه ولا يسبقه ولا يساويه (فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلّى جالسًا فصلوا جلوسًا) زاد أبو ذر، وابن عساكر بعد قوله فارفعوا: وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، بواو العطف. ولغير أبي ذر بحذفها.

واستدلّ أبو حنيفة بهذا على أن وظيفة الإمام التسميع، والمأموم التحميد، وبه قال مالك وأحمد في رواية.

وقال الشافعي، وأحمد، وأبو يوسف، ومحمد: يأتي بهما لأنه قد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام كان يجمع بينهما، كما سيأتي قريبًا، والسكوت عنه هنا لا يقتضي ترك فعله، والمأموم فيجمع بينهما أيضًا خلافًا للحنفية.

٦٨٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَصَلَّى صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهْوَ قَاعِدٌ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: قَوْلُهُ: «إِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا». هُوَ فِي مَرَضِهِ الْقَدِيمِ، ثُمَّ صَلَّى

بَعْدَ ذَلِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا، لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْقُعُودِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالآخِرِ فَالآخِرِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس الأصبحي الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ركب فرسًا، فصرع) بضم الصاد المهملة وكسر الراء، أي: سقط (عنه) أي: عن الفرس (فجحش) بجيم مضمومة ثم حاء مهملة مكسرة، أي: خدش (شقّه الأيمن) بأن قشر جلده (فصلّى صلاة من الصلوات) المكتوبات وقيل من النوافل، (وهو) عليه الصلاة والسلام (قاعد، فصلّينا وراءه قعودًا) أي بعد أن كانوا قيامًا وأومأ لهم عليه الصلاة والسلام بالقعود، (فلما انصرف) عليه الصلاة والسلام من الصلاة، (قال):

(إنما جعل الإمام ليؤتم) ليقتدى (به) في الأفعال الظاهرة، ولذا يصلّي الفرض خلف النفل، والنفل خلف الفرض، حتى الظهر خلف الصبح، والمغرب والصبح خلف الظهر في الأظهر. نعم إن اختلف فعل الصلاتين كمكتوبة وكسوف أو جنازة فلا على الصحيح، لتعذر المتابعة. هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>