للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمور دينهم وذلك مقتض لقساوة القلب على ما لا يخفى (من حيث يطلع قرنا الشيطان) اللعين بالتثنية جانبا رأسه لأنه ينتصب في محاذاة مطلع الشمس، فإذا طلعت كانت بين قرنيه (ربيعة ومضر) بالجر بدلاً من الفدّادين غير منصرفين، هما قبيلتان مشهورتان.

ومرّ الحديث بأواخر بدء الخلق في باب خير مال المسلم غنم.

٤٣٨٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ

أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَصْحَابِ الإِبِلِ، وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ».

وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

وبه قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بندار العبدي قال: (حدّثنا ابن أبي عدي) محمد واسم أبي عدي إبراهيم (عن شعبة) بن الحجاج (عن سليمان) الأعمش (عن ذكوان) أبي صالح السمان (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال) يخاطب أصحابه وفيهم الأنصار:

(أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبًا). قال الخطابي: وصف الأفئدة بالرقة، والقلوب باللين، لأن الفؤاد غشاء القلب، فإذا رق نفذ القول منه وخلص إلى ما وراءه، وإذا غلظ بعد وصوله إلى داخل فإذا صادف القلب لينًا علق به وتجمع فيه.

وقال القاضي البيضاوي: الرقة ضدّ الغلظ، والصفاقة واللين مقابل القسوة فاستعيرت في أحوال القلب، فإذا نبا عن الحق وأعرض عن قبوله ولم يتأثر بالآيات والنذر يوصف بالغلظ، فكأن شغافه صفيق لا ينفذ فيه الحق وجرمه صلب لا يؤثر فيه الوعظ، وإذا كان بعكس ذلك يوصف بالرقة واللين، فكأن حجابه رقيق لا يأبى نفوذ الحق وجوهره لين يتأثر بالنصح، وللطيبي فيه قول آخر يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى، ولما وصفهم بذلك أتبعه بما هو كالنتيجة والغاية فقال عليه الصلاة والسلام:

(الإيمان يمان) مبتدأ وخبر وأصله يمني بياء النسبة فحذفت الياء تخفيًا وعوّض عنها الألف أي الإيمان منسوب إلى أهل اليمن، لأن صفاء القلب ورقته ولين جوهره يؤدّي به إلى عرفان الحق والتصديق به وهو الإيمان والانقياد (والحكمة يمانية) بتخفيف الياء فقلوبهم معادن الإيمان وينابيع الحكمة (والفخر) كالإعجاب بالنفس (والخيلاء) الكبر واحتقار الغير (في أصحاب الإبل والسكينة) المسكنة (والوقار) الخضوع (في أهل الغنم). قال البيضاوي في تخصيص الخيلاء بالصحابي الإبل، والوقار بأهل الغنم ما يدل على أن مخالطة الحيوان ربما تؤثر في النفس وتعدي إليها هيئات وأخلاقًا تناسب طباعها وتلائم أحوالها.

(وقال غندر) محمد بن جعفر فيما وصله أحمد (عن شعبة) بن الحجاج (عن سليمان) الأعمش أنه قال: (سمعت ذكوان) الزيات (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فذكر الحديث السابق وأعاده لتصريح الأعمش بسماعه من ذكوان.

٤٣٨٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِتْنَةُ هَا هُنَا هَا هُنَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ».

وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدثني) بالإفراد (أخي) أبو بكر عبد الحميد (عن سليمان) بن بلال (عن ثور بن زيد) المدني لا الشامي (عن أبي الغيث) بالمعجمة المفتوحة والمثلثة بينهما ياء ساكنة سالم مولى عبد الله بن مطيع (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(الإيمان يمان والفتنة هاهنا) يعني نحو المشرق (هاهنا يطلع قرن الشيطان) بالإفراد ومرّ ما فيه قريبًا.

٤٣٩٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ أَضْعَفُ قُلُوبًا، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً، الْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ».

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال) لأصحابه:

(أتاكم أهل اليمن أضعف قلوبًا وأرق أفئدة) قال في شرح المشكاة: يمكن أن يراد بالفؤاد والقلب ما عليه أهل اللغة من كونهما مترادفين فكرّر ليناط به معنى غير المعنى السابق، فإن الرقة مقابلة للغلظ واللين مقابل للشدة والقسوة، فوصف أوّلاً بالرقة ليشير إلى التخلق مع الناس وحسن العشرة مع الأهل والإخوان. قال تعالى: {ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك} [آل عمران: ١٥٩] وثانيًا باللين ليؤذن بأن الآيات النازلة والدلائل المنصوبة ناجعة فيها وصاحبها مقيم على التعظيم لأمر الله.

(الفقه) وهو إدراك الأحكام الشرعية العملية بالاستدلال على أعيانها (يمان والحكمة يمانية) ولأبوي

<<  <  ج: ص:  >  >>