للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجنة ولا يبصقون بالصاد (ولا يمتخطون أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك) أي عرقهم كالمسك في طيب ريحه (ومجامرهم الألوة) بفتح الهمزة وضم اللام وتشديد الواو وهي (الأنجوج) بهمزة مفتوحة فنون ساكنة وبعد الجيم المضمومة واو ساكنة فجيم أخرى، ولأبي ذر: الألنجوج بلام مفتوحة بين الهمزة والنون وهو (عود الطيب) الذي يبخر به.

فإن قلت: أي حاجة في الجنة إلى الامتشاط ولا تتلبد شعورهم ولا تتسخ وأي حاجة إلى البخور وريحهم أطيب من المسك؟ أجيب: بأن نعيم أهل الجنة وكسوتهم ليس عن دفع ألم اعتراهم فليس أكلهم عن جوع ولا شربهم عن ظمأ ولا تطيبهم عن نتن وإنما هي لذات متوالية ونعم متتابعة.

(وأزواجهم الحور العين) وهم (على خلق رجل واحد) بفتح الخاء وسكون اللام (على صورة أبيهم آدم) في الطول (ستون ذرعًا في السماء) في العلو والارتفاع.

وهذا موضع الترجمة وسبق هذا الحديث في باب: ما جاء في صفة الجنة.

٣٣٢٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ "عَنْ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغُسْلُ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ. فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَبِمَا يُشْبِهُ الْوَلَدُ"؟.

وبه قال: (حدّثنا مسدّد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة) عبد الله المخزومي (عن أم سلمة) أم المؤمنين -رضي الله عنها- (أن أم سليم) سهلة والدة أنس بن مالك (قالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق)، قالت ذلك اعتذارًا عن تصريحها بما تنقبض عنه النفوس البشرية لا سيما بحضرته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي أن الله تعالى بيّن لنا أن الحق ليس مما يستحيا منه وسؤالها هذا كان من الحق (فهل على المرأة الغسل) بفتح الغين في الفرع كأصله (إذا احتلمت)؟ وفي باب: إذا احتلمت المرأة من كتاب الغسل إذا هي احتلمت (قال) عليه الصلاة والسلام:

(نعم). يجب عليها الغسل (إذا رأت الماء) أي المني بعد استيقاظها من النوم (فضحكت أم سلمة. فقالت: تحتلم المرأة) بغير همزة والواو (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فبما) بألف بعد الميم مع دخول الجار وهو قليل (يشبه الولد)؟ أمه. وقال البيضاوي: هذا استدلال على أن لها منيًّا كما للرجل منيّ والولد مخلوق منهما إذ لو لم يكن لها ماء وكان الولد من مائه المجرد لم يكن يشبهها لأن الشبه بسبب ما بينهما من المشاركة في المزاج الأصلي المعين المعدّ لقبول التشكلات والكيفيات المعينة من مبدعه تبارك وتعالى، فإن غلب ماء الرجل ماء المرأة وسبق نزع الولد إلى جانبه ولعله يكون ذكرًا، وإن كان العكس نزع الولد إلى جانبه ولعله يكون أنثى.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: فبما يشبه الولد؟ وسبق الحديث في الطهارة.

٣٣٢٩ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَاّ نَبِيٌّ، قَالَ مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟ وَمِنْ أَىِّ شَىْءٍ يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ وَمِنْ أَىِّ شَىْءٍ يَنْزِعُ إِلَى أَخْوَالِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ. قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ. وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ وَأَمَّا الشَّبَهُ فِي الْوَلَدِ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِيَ الْمَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ به، وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا كَانَ الشَّبَهُ لَهَا. قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، إِنْ عَلِمُوا بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ بَهَتُونِي عِنْدَكَ. فَجَاءَتِ الْيَهُودُ، وَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ الْبَيْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ؟ قَالُوا: أَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا، وَأَخْبَرُنَا وَابْنُ أَخْيَرِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ؟ قَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ. فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا. وَوَقَعُوا فِيهِ". [الحديث ٣٣٢٩ - أطرافه في: ٣٩١١، ٣٩٣٨، ٤٤٨٠].

وبه قال: (حدّثنا محمد بن سلام) بتخفيف اللام السلمي مولاهم البيكندي قال: (أخبرنا الفزاري) بفتح الفاء والزاي مروان بن معاوية بن الحرث بن أسماء الكوفي نزيل مكة (عن حميد) الطويل (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال: بلغ عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام الإسرائيلي وعبد الله نصب بقوله (مقدم) وهو رفع على الفاعلية مصدر ميمي بمعنى القدوم (رسول الله) ولأبي ذر: النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة) نصب على الظرفية (فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث) من المسائل (لا يعلمهن إلاّ نبي. أوّل) ولأبي ذر قال: قال ما أوّل (أشراط الساعة) أي علاماتها (وما أول طعم يأكله أهل الجنة) فيها (ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه) أي يشبه أباه (ومن أي شيء ينزع إلى أخواله) يشبههم (فقال رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(خبرني) بتشديد الموحدة (بهن) بالمسائل المذكورة (آنفًا جبريل) عليه السلام (قال) أنس (فقال عبد الله) بن سلام (ذاك) يعني جبريل (عدو اليهود من الملائكة، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مجيبًا له: (أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت) وهي القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد وهي أطيبها وهي في غاية اللذة، وقيل هي أهنأ طعام وأمرؤه، وقيل: إن الحوت هو الذي عليه الأرض والإشارة بذلك إلى نفاد الدنيا. (وأما الشبه في الولد فإن الرجل

<<  <  ج: ص:  >  >>