الطاء في عموم خطابه وإنما أتي بفضلة من الماء لئلا يظن أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- موجد للماء والإيجاد إنما هو لله تعالى لا لغيره.
وهذا الحديث قد سبق في باب التماس الناس الوضوء من كتاب الطهارة.
٣٥٧٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُبَارَكٍ حَدَّثَنَا حَزْمٌ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ مَخَارِجِهِ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَانْطَلَقُوا يَسِيرُونَ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً يَتَوَضَّئُونَ. فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَجَاءَ بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ مَدَّ أَصَابِعَهُ الأَرْبَعَ عَلَى الْقَدَحِ، ثُمَّ قَالَ: قُومُوا فَتَوَضَّئُوا، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ حَتَّى بَلَغُوا فِيمَا يُرِيدُونَ مِنَ الْوَضُوءِ، وَكَانُوا سَبْعِينَ أَوْ نَحْوَهُ».
وبه قال: (حدّثنا عبد الرحمن بن مبارك) العيشي بعين مهملة فتحتية ساكنة وشين معجمة نسبة إلى بني عائش بن مالك البصري قال: (حدّثنا حزم) بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي المعجمة ابن مهران القطعي بضم القاف وفتح الطاء البصري (قال: سمعت الحسن) البصري (قال: حدّثنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض مخارجه) أي بعض أسفاره (ومعه ناس من أصحابه) الواو للحال (فانطلقوا يسيرون فحضرت الصلاة ولم يجدوا ماء يتوضؤون) به وماء بالهمزة ولم يضبطه اليونيني لوضوحه (فانطلق رجل من القوم فجاء بقدح من ماء يسير) الرجل هو أنس كما في مسند الحرث بن أبي أسامة من طريق شريك بن أبي نمر عن أنس بلفظ قال لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "انطلق إلى بيت أم سلمة" قال فأتيته بقدح ماء إما ثلثه وإما نصفه (فأخذه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتوضأ) منه زاد في مسند الحرث وفضلت فضلة وكثر الناس فقالوا: لم نقدر على الماء (ثم مدّ) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أصابعه الأربع) ولأبي الوقت الأربعة (على القدح ثم قال) لهم:
(قوموا فتوضؤوا) ولأبي ذر: توضؤوا بغير فاء (فتوضأ القوم حتى بلغوا فيما يريدون من الوضوء) بضم الياء وكسر الراء (وكانوا سبعين أو نحوه).
وهذا الحديث من أفراده.
٣٥٧٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ مِنَ الْمَسْجِدِ يَتَوَضَّأُ، وَبَقِيَ قَوْمٌ. فَأُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَوَضَعَ كَفَّهُ فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَضَمَّ أَصَابِعَهُ فَوَضَعَهَا فِي الْمِخْضَبِ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ جَمِيعًا. قُلْتُ: كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: ثَمَانُونَ رَجُلاً".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن منير) بضم الميم وكسر النون وسكون التحتية بعدها راء أنه (سمع يزيد) بن هارون بن زاذان الواسطي يقول: (أخبرنا حميد) الطويل (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال: حضرت الصلاة فقام من كان قريب الدار من المسجد) النبوي (يتوضأ) ولأبي ذر:
فتوضأ (وبقي قوم) لم يتوضؤوا (فأتي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمخضب) بميم مكسورة فخاء ساكنة فضاد مفتوحة معجمتين فموحدة إناء (من حجارة) تغسل فيه الثياب ويسمى الإجانة والمركن (فيه ماء فوضع) عليه الصلاة والسلام (كفه) بالإفراد (فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه فضم أصابعه فوضعها في المخضب فتوضأ القوم كلهم جميعًا) قال حميد (قلت): لأنس (كم كانوا؟ قال: ثمانون رجلاً) ولأبي ذر عن الكشميهني: ثمانين بالنصب خبر كان المقدرة.
ولم يذكر في هذا الحديث نبع الماء اختصارًا للعلم به، وهذه أربع طرق لحديث أنس.
الأول طريق قتادة، والثاني طريق إسحاق بن عبد الله، والثالث طريق الحسن، والرابع طريق حميد. وفي الأولى أنهم كانوا بالزوراء بالمدينة الشريفة وكذا الرابعة، وفي الثالثة في السفر، وفي الأولى أن الذين توضؤوا كانوا ثلاثمائة، وفي الثالثة كانوا سبعين، وفي الرابعة ثمانين فظهر أنهما قصتان في موطنين للتغاير في عدد من توضأ وتعيين المكان الواقع فيه ذلك وهي مغايرة واضحة يتعذر الجمع فيها. ووقع عند أبي نعيم من رواية عبد الله بن عمر عن ثابت عن أنس أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج إلى قباء فأتي من بعض بيوضهم بقدح صغير.
٣٥٧٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: «عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ، فَتَوَضَّأَ فَجَهَشَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلَا نَشْرَبُ إِلَاّ مَا بَيْنَ يَدَيْكَ. فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ. فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا. قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً». [الحديث ٣٥٧٦ - أطرافه في: ٤١٥٢، ٤١٥٣، ٤١٥٤، ٤٨٤٠، ٥٦٣٩].
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي البصري قال: (حدّثنا عبد العزيز بن مسلم) القسملي بالقاف والسين المهملة قال: (حدّثنا حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن السلمي الكوفي (عن سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وسكون العين المهملة رافع الأشجعي (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما-) أنه (قال: عطش الناس) بكسر الطاء المهملة (يوم الحديبية) بتخفيف الياء (والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين يديه ركوة) بتثليث الراء إناء صغير من جلد يشرب فيه (فتوضأ) منها (فجهش الناس نحوه) عليه الصلاة والسلام بفتح الجيم والهاء والشين المعجمة من باب قطع أي أسرعوا إلى الماء متهيئين لأخذه، ولأبي ذر بكسر الهاء من باب سمع، وللحموي والمستملي جهش بإسقاط الفاء وفتح الهاء (فقال): عليه الصلاة