عبد الرحمن بن عوف التابعي.
(أن عطاء بن يسار) بفتح المثناة التحتية والسين المهملة المدني (أخبره أن زيد بن خالد) المدني الصحابي (أخبره أنه سأل عثمان بن عفان) رضي الله عنه (قلت) بتاء التكلم على سبيل الالتفات من الغيبة للتكلم لقصد حكاية لفظه بعينه إلاّ فكان أسلوب الكلام أن يقول قال: (أرأيت إذا جامع) الرجل امرأته أو أمته (فلم) وفي رواية الأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت ولم (يمن) بضم الياء وسكون الميم وقد يفتح الأوّل وقد يضم مع فتح الميم وشد النون يتوضأ. (قال عثمان) رضي الله عنه (يتوضأ كما يتوضأ للصلاة) أي الوضوء الشرعي لا الوضوء اللغوي، وإنما أمره بالوضوء احتياطًا لأن الغالب خروج المذي من المجامع وإن لم يشعر به (ويغسل ذكره) لتنجسه بالمذي وهل يغسل جميعه أو بعضه المتنجس؟ قال الإمام الشافعي بالثاني ومالك بالأوّل.
ْفإن قلت: غسل الذكر متقدم على الوضوء فلم أخره؟ أجيب: بأن الواو لا تدل على الترتيب بل هو على مطلق الجمع فلا فرق بين أن يغسل الذكر قبل الوضوء أو بعده على وجه لا ينتقض الوضوء معه.
(قال عثمان) رضي الله عنه: (سمعته) أي ما ذكر جميعه (من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قال زيد: (فسألت عن ذلك عليًّا) أي ابن أبي طالب رضي الله عنه (والزبير) بن العوام (وطلحة) بن عبيد الله و (أُبي بن كعب) رضي الله عنهم (فأمروه) أي المجامع (بذلك) أي بأن يتوضأ والضمير المرفوع للصحابة والمنصوب للمجامع كما هو مأخوذ من دلالة التضمن في قوله: إذا جامع.
وفي هذا الحديث وجوب الوضوء على من جامع ولم ينزل لا الغسل لكنه منسوخ كما سيأتي إن شاء الله قريبًا، وقد انعقد الإجماع على وجوب الغسل بعد أن كان في الصحابة من لا يوجب الغسل إلا بالإنزال كعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوّام، وطلحة بن
عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، ورافع بن خديج، وأبي سعيد الخدري، وأُبيّ بن كعب، وابن عباس، وزيد بن ثابت، وعطاء بن أبي رباح، وهشام بن عروة، والأعمش، وبعض أصحاب الظاهر.
فإن قلت: إذا كان الحديث منسوخًا فكيف يصح استدلال المصنف به؟ أجيب: بأن المنسوخ منه عدم وجوب الغسل لا عدم الوضوء، فحكمه باقٍ والحكمة في الأمر به قبل أن يجب الغسل إما لكون الجماع مظنة خروج الذي أو لملامسة الموطوءة فدلالته على الترجمة من هذه الجزئية وهي وجوب الوضوء من الخارج المعتاد لا على الجزء الأخير وهو عدم الوجوب في غير المنسوخ، ولا يلزم أن يدل كل حديث في الباب على كل الترجمة، بل تكفي دلالة البعض على البعض. ورجال هذا الحديث أحد عشر رجلاً ما بين كوفي وبصري ومدني، وفيهم ثلاثة من التابعين وصحابيان يروي أحدهما عن الآخر، والتحديث والعنعنة والإخبار والسؤال والقول، وأخرجه المؤلف أيضًا في الطهارة وكذا مسلم.
١٨٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ هو ابن منصورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَجَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ»؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أُعْجِلْتَ -أَوْ قُحِطْتَ- فَعَلَيْكَ الْوُضُوءُ».
تَابَعَهُ وَهْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَلَمْ يَقُلْ غُنْدَرٌ وَيَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ "الْوُضُوءُ".
وبه قال: (حدّثنا) وفي رواية بالإفراد (إسحاق هو ابن منصور) وفي رواية كريمة بإسقاط قوله هو ابن منصور، وفي رواية أبي ذر إسحاق بن منصور أي ابن بهرام بفتح الموحدة الكوسج كما عند أبي نعيم (قال: أخبرنا النضر) بفتح النون وسكون العجمة ابن شميل بضم المعجمة أبو الحسن المازني البصري (قال: أخبرنا شعبة) بن الحجاج (عن الحكم) بفتح المهملة والكاف ابن عتيبة مصغر عتبة الباب (عن ذكوان أبي صالح) الزيات المدني (عن أبي سعيد الخدري) بالدال المهملة سعد بن مالك الأنصاري:
(أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرسل إلى رجل من الأنصار) هو عتبان بكسر العين المهملة وسكون التاء المثناة الفوقية وموحدة ثم نون بينهما ألف ابن مالك الأنصاري كما في مسلم، أو صالح الأنصاري فيما ذكره عبد الغني بن سعيد، أو رافع بن خديج كما حكاه ابن بشكوال، ورجح في الفتح الأول، ولمسلم مرّ على رجل فيحمل على أنه مرّ به فأرسل إليه (فجاء ورأسه يقطر) جملة وقعت حالاً من ضمير جاء أي ينزل منه الماء قطرة قطرة من أثر الاغتسال، وإسناد القطر إلى الرأس مجاز كسال الوادي (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) له: (لعلنا) قد (أعجلناك) عن فراغ حاجتك من الجماع (فقال)
الرجل، وفي رواية ابن عساكر قال