على رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر (ما أفاء به أموال هوازن فطفق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعطي رجالاً المائة من الإبل فقالوا): أي الأنصار (يغفر الله لرسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قالوه توطئة وتمهيدًا لما يرد
بعده من العتاب كقوله تعالى: {عفا الله عنك لم أذنت لهم} [التوبة: ٤٣] وسقطت التصلية لأبي ذر (يعطي قريشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم) جملة وسيوفنا حال مقرّرة لجهة الإشكال وهي من باب قولهم عرضت الناقة على الحوض (قال أنس: فحدث) بضم الحاء كسر الدال مبنيًّا للمفعول أي أخبر (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمقالتهم) وعند ابن إسحاق من حديث أبي سعيد أن الذي أخبره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سعد بن معاذ (فأرسل) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (إلى الأنصار فجمعهم في قبة من آدم) بفتح الهمزة المقصورة والدال جلد مدبوغ (ولم يدع) بسكون الدال أي لم يناد (معهم غيرهم فلما اجتمعوا قام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) خطيبًا (فقال):
(ما حديث) بالتنوين (بلغني عنكم) (فقال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئًا وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر (يعطي قريشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لهم: (فإني أعطي رجالاً حديثي عهد بكفر أتألفهم أما) بتخفيف الميم (ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى رحالكم) بيوتكم (فوالله لما) بفتح اللام للتأكيد أي الذي (تنقلبون به خير مما ينقلبون به) وفي مناقب الأنصار من طريق أبي التياح عن أنس: "أو لا ترضون أن يرجع الناس بالغنائم إلى بيوتهم وترجعون برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى بيوتكم" (قالوا: يا رسول الله قد رضينا. فقال لهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (ستجدون) ولأبي ذر عن الكشميهني فتجدون بالفاء بدل السين (أثرة شديدة) بضم الهمزة وسكون المثلثة وبفتحهما ويقال أيضًا أثرة بكسر الهمزة وسكون المثلثة من تفرد عليكم بما لكم فيه اشتراك في الاستحقاق أو يفضل نفسه عليكم في الفيء، وقيل: المراد بالأثرة نفس الشدة. قال في الفتح: ويرده سياق الحديث وسببه (فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله) يوم القيامة (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقطت التصلية لأبي ذر (فإني على الحوض) (قال أنس: فلم يصبروا) وفي قوله: ستلقون علم من أعلام النبوة لأنه كان كما قال صلوات الله وسلامه عليه.
٤٣٣٢ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَنَائِمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ فَغَضِبَتِ الأَنْصَارُ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»؟ قَالُوا: بَلَى قَالَ: «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ».
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قاضي مكة قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي التياح) بالمثناة الفوقية ثم التحتية المشددة وبعد الألف حاء مهملة يزيد بن حميد (عن أنس) -رضي الله عنه- أنه (قال: لما كان يوم فتح مكة) أي زمان فتحها الشامل الجميع السنة (قسّم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غنائم) هوازن (بين قريش) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: في قريش (فغضبت الأنصار قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لهم لما بلغه ذلك:
(أما ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وتذهبون برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر
(قالوا: بلى) قد رضينا، وذكر الواقدي أنه حينئذ دعاهم ليكتب لهم بالبحرين وتكون لهم خاصة بعده دون الناس وهي يومئذ أفضل ما فتح عليه من الأرض فأبوا وقالوا: لا حاجة لنا بالدنيا (قال) عليه الصلاة والسلام: (لو سلك الناس واديًا أو شعبًا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم) وأشار عليه الصلاة والسلام بذلك إلى ترجيحهم بحسن الجوار والوفاء بالعهد لا وجوب متابعته إياهم إذ هو -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المتبوع المطاع لا التابع المطيع، فما أكثر تواضعه صلوات الله وسلامه عليه.
٤٣٣٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ الْتَقَى هَوَازِنُ وَمَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشَرَةُ آلَافٍ وَالطُّلَقَاءُ فَأَدْبَرُوا قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ»؟ قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ لَبَّيْكَ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ فَأَعْطَى الطُّلَقَاءَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا فَقَالُوا: فَدَعَاهُمْ فَأَدْخَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ فَقَالَ: «أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-»؟ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لَاخْتَرْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ».
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا أزهر) بن سعد السمان أبو بكر الباهلي البصري (عن ابن عون) عبد الله أنه قال: (أنبأنا هشام بن زيد بن أنس عن) جده (أنس) -رضي الله عنه- أنه (قال: لما كان يوم حنين التقى) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- و (هوازن ومع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عشرة