وقال القاضي عياض لا نعلم لعزة ذكرًا في بنات أبي سفيان إلا في رواية يزيد بن أبي حبيب وقال أبو موسى الأشهر أنها عزة (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(أوَ تحبين ذلك)؟ الهمزة للاستفهام والواو عاطفة على ما قبل الهمزة عند سيبويه وعلى مقدّر عند الزمخشري وموافقيه، فعلى مذهب سيبويه معطوف على انكح أختي، وعلى مذهب الزمخشري أأنكحها وتحبين ذلك وهو استفهام تعجب من كونها تطلب أن يتزوج غيرها مع ما طبع عليه النساء من الغيرة (فقلت: نعم) حرف جواب مقرّر لما سبق نفيًا أو إثباتًا (لست لك بمخلية) بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وكسر اللام والباء زائدة في النفي أي لست خالية من ضرّة غيري. قال في النهاية: المخلية التي تخلو بزوجها وتنفرد به أي لست لك بمتروكة لدوام الخلوة به وهذا البناء إنما يكون من أخليت ويقال: أخلت المرأة فهي مخلية فأما من خلوت فلا وقد جاء أخليت بمعنى
أخلوت، وقال ابن الأثير في موضع آخر: أي لم أجدك خاليًا من الزوجات غيري وليس من قولهم امرأة مخلية إذا خلت من الزوج (وأحب) بفتح الهمزة والمهملة (من شاركني) بألف بعد الشين (في خير أختي) أحب مبتدأ وهو أفعل تفضيل مضاف إلى من ومن نكرة موصوفة أي وأحب شخص شاركني فجملة شاركني في محل جر صفة لمن، ويحتمل أن تكون موصولة والجملة صلتها، والتقدير أحب المشاركين لي في خير أختي وفي خير متعلق بشاركني وأختي الخبر، ويجوز أن تكون أختي المبتدأ وأحب خبر مقدم لأن أختي معرفة بالإضافة وأفعل لا يتعرف بها في المعروف. قيل: والمراد بالخير صحبة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المتضمنة لسعادة الدارين الساترة لما لعله يعرض من الغيرة التي جرت بها العادة بين الزوجات وفي رواية هشام الآتية إن شاء الله تعالى وأحب من شركني فيك أختي قال في الفتح: فعرف أن المراد بالخير ذاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
(فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إن ذلك) بكسر الكاف خطاب لمؤنث (لا يحل لي) لأن فيه الجمع بين الأختين (قلت فإنا نحدّث) بضم النون وفتح الحاء والدال (إنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة) درة بضم الدال المهملة وتشديد الراء (قال) عليه الصلاة والسلام (بنت أم سلمة) مفعول مقدر أي أأنكح بنت أم سلمة أو تعنين (قلت: نعم) وعدل عن قوله أبي سلمة إلى قوله أم سلمة توطئة لقوله: (فقال: لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري) بفتح الحاء وقد تكسر واسم كان ضمير بنت أم سلمة وربيبتي خبرها وربيبة فعيلة بمعنى مفعول لأن زوج الأم يربها وقال القاضي عياض الربيبة مشتقة من الرب وهو الإصلاح لأنه يربها ويقوم بأمورها وإصلاح حاله ومن ظن من الفقهاء أنه مشتق من التربية فقد غلط لأن شرط الاشتقاق الاتفاق في الحروف الأصلية والاشتراك فيها فإن آخر رب باء موحدة وآخر ربي ياء مثناة تحتية وجواب لو قوله (ما حلت لي) يعني لو كان بها مانع واحد لكفى في التحريم فكيف وبها مانعان وقوله في حجري تأكيد وراعى فيه لفظ الآية ولا مفهوم له عند الجمهور بل خرج مخرج الغالب وقد تمسك بظاهره داود الظاهري فأحل الربيبة البعيدة التي لم تكن في الحجر (إنها لابنة أخي من الرضاعة) اللام في قوله لابنة هي الداخلة في خبر إن (أرضعتني وأبا سلمة ثويبة) بضم المثلثة وفتح الواو وبعد التحتية الساكنة موحدة والجملة مفسرة لا محل لها من الإعراب ولا يجوز أن تكون بدلًا من خبر إن ولا خبرًا بعد الخبر لعدم الضمير. وأبا سلمة معطوف على المفعول أو مفعول معه (فلا تعرضن عليّ) بتشديد الياء (بناتكن ولا أخواتكن) لا ناهية وتعرضن فعل مضارع والنون الخفيفة نون جماعة النسوة والفعل معها مبنيّ ومع أختيها الشديدة والخفيفة وشرط ابن مالك أن تكون مباشرة مثل لينبذن فن لم تكن مباشرة نحو ولا تتبعان فأما ترين وليسجننه فهو معرب والأكثرون على أن المؤكد بالنون مبني مطلقًا باشرته النون أم لم تباشره، وزعم آخرون