(عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه) من النبوة والقرآن والخلق الحسن العظيم وكثرة الاتباع والعلم والشفاعة والمقام المحمود وغيرها مما أنعم الله تعالى به عليه (قال أبو بشر) جعفر بن أبي وحشية (قلت) ولأبي ذر فقلت (لسعيد) هو ابن جبير (إن أناسًا) بهمزة مضمومة ولأبي ذر ناسًا بحذفها وسبق في التفسير من ذكر الناس أبو إسحاق وقتادة (يزعمون أنه) أي الكوثر (نهر في الجنة فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه) وهذا كما سبق تأويل من سعيد جمع فيه بين حديثي عائشة وابن عباس فلا تنافي بينهما لأن النهر فرد من أفراد الخير الكثير.
والحديث مرّ في تفسير سورة الكوثر.
٦٥٧٩ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: قَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «حَوْضِى مَسِيرَةُ شَهْرٍ مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا».
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي قال: (حدّثنا نافع بن عمر) بن عبد الله الجمحي المكي الحافظ (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بالتصغير ابن عبد الله بن جدعان ويقال اسم أبي مليكة زهير التيمي المدني أدرك ثلاثين من الصحابة أنه (قال: قال عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن العاصي -رضي الله عنهما- (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(حوضي مسيرة شهر) زاد مسلم من هذا الوجه زوايا سواء أي لا يزيد طوله على عرضه وفيه رد على من جمع بين اختلاف الأحاديث في تقدير مسافة الحوض باختلاف العرض والطول كما سبق قريبًا (ماؤه أبيض من اللبن) فيه حجة للكوفيين على إجازة أفعل التفضيل من اللون. وقال البصريون: لا يصاغ منه ولا من غير الثلاثي فقيل لأن اللون الأصل في أفعاله الزيادة على
ثلاثة، وقيل لأنه خلق ثابت في العادة وإنما يتعجب مما يقبل الزيادة والنقصان فجرت ذلك مجرى الأجسام الثابتة على حال واحد قالوا: وإنما يتوصل إلى التفضيل فيه وفيما زاد على الثلاثي بأفعل مصوغًا من فعل دال على مطلق الرجحان، والزيادة نحو أكبر وأزيد وأرجح وأشد. قال الجوهري تقول: هذا أشد بياضًا من كذا ولا تقل أبيض منه وأهل الكوفة يقولونه ويحتجون يقول الراجز:
جارية في دعها الفضفاض ... أبيض من أخت بني أباض
قال المبرد ليس البيت الشاذ بحجة على الأصل المجمع عليه وأما قول الراجز طرفة:
إذا الرجال شتوا واشتد أكلهم ... فأنت أبيضهم سربال طباخ
فيحتمل أن لا يكون بمعنى أفعل الذي تصحبه من للمفاضلة، وإنما هو بمنزلة قولك هو أحسنهم وجهًا وأكرمهم أبًا تريد حسنهم وجهًا وكريمهم أبًا فكأنه قال: فأنت مبيضهم سربالاً، فلما أضافه انتصب ما بعده على التمييز وجعل ابن مالك قوله أبيض من المحكوم بشذوذه. وقال النووي: هي لغة وإن كانت قليلة الاستعمال والحديث يدل على صحتها، وفي مسلم من رواية أبي ذر وابن مسعود عند أحمد بلفظ أشد بياضًا من اللبن (وريحه أطيب) ريحًا (من المسك). وزاد مسلم من حديث أبي ذر وثوبان وأحلى من العسل، وزاد أحمد من حديث ابن مسعود وأبرد من الثلج (وكيزاته كنجوم السماء) أي في الإشراق والكثرة ولأحمد من رواية الحسن عن أنس أكثر من عدد نجوم السماء (من شرب) بفتح الشين وكسر الراء (منها) من الكيزان، ولأبي ذر عن الكشميهني: من يشرب بلفظ المضارع والجزم على أن من شرطية ويجوز الرفع على أنها موصولة، ولأبي ذر منه أي من الحوض (فلا يظمأ أبدًا). وعند ابن أبي الدنيا عن النواس بن سمعان أول من يرد عليه من يسقي كل عطشان.
وحديث الباب أخرجه مسلم في الحوض أيضًا.
٦٥٨٠ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ. حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ قَدْرَ حَوْضِى كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ».
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن عفير) هو سعيد بن كثير بن عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء بعدها تحتية ساكنة فراء المصري قال: (حدثني) بالإفراد (ابن وهب) عبد الله المصري (عن يونس) بن يزيد الأيلي أنه قال: (قال ابن شهاب) محمد