وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسولكم فخذوا به تهتدوا لما هدى الله به رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وإن أبا بكر صاحب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قدم الصحبة لشرفها ولما شاركه فيها غيره عطف عليها ما انفرد به وهو كونه {ثاني اثنين
إذ هما في الغار} [التوبة: ٤٠] وهي أعظم فضيلة استحق بها الخلافة كما قاله السفاقسي قال ومن ثم قال عمر (فإنه) بالفاء في اليونينية وفي غيرها وأنه (أولى المسلمين بأموركم فقوموا) أيها الحاضرون (فبايعوه) بكسر التحتية (وكان طائفة منهم قد بايعوه) بفتح التحتية (قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة) بن كعب بن الخزرج والسقيفة الساباط مكان اجتماعهم للحكومات وفيه إشارة إلى أن السبب في هذه المبايعة مَن لم يحضر في السقيفة (وكانت بيعة العامة على المنبر) في اليوم المذكور صبيحة اليوم الذي بويع فيه في السقيفة.
(قال الزهري): محمد بن مسلم بالسند السابق (عن أنس بن مالك سمعت عمر يقول لأبي بكر) -رضي الله عنهم- (يومئذ: اْصعد المنبر) بفتح العين (فلم يزل به حتى صعد المنبر) بكسر العين وللكشميهني حتى أصعده بزيادة همزة مفتوحة وسكون الصاد (فبايعه الناس) مبايعة (عامة) وهي أشهر من البيعة الأولى.
ومناسبة الحديث للترجمة في قوله: وإنه أولى المسلمين بأموركم.
٧٢٢٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَتِ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةٌ فَكَلَّمَتْهُ فِى شَىْءٍ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ كَأَنَّهَا تُرِيدُ الْمَوْتَ قَالَ: «إِنْ لَمْ تَجِدِينِى فَأْتِى أَبَا بَكْرٍ».
وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي المدني الأعرج قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين (عن أبيه) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري (عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه) جبير بن مطعم بن عدي النوفلي -رضي الله عنه- أنه (قال: أتت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امرأة) لم تسم (فكلمته في شيء) يعطيها (فأمرها أن ترجع إليه قالت) ولأبوي ذر والوقت فقالت (يا رسول الله أرأيت) أي أخبرني (إن جئت ولم أجدك) قال جبير بن مطعم (كأنها تريد الموت) تعني إن جئت فوجدتك قد متّ ماذا أعمل (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(إن لم تجديني فائتي أبا بكر) وفيه إشارة إلى أن أبا بكر هو الخليفة بعده عليه الصلاة والسلام في معجم الإسماعيلي من حديث سهل بن أبي حثمة قال: بايع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعرابيًّا فسأله إن أتى عليه أجله مَن يقضيه؟ فقال: أبو بكر ثم سأله مَن يقضيه بعده؟ قال: عمر الحديث. وأخرجه الطبراني في الأوسط من هذا الوجه مختصرًا وحديث الباب سبق في فضل أبي بكر -رضي الله عنه-.
٧٢٢١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِى قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - قَالَ لِوَفْدِ بُزَاخَةَ: تَتْبَعُونَ أَذْنَابَ الإِبِلِ حَتَّى يُرِىَ اللَّهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُهَاجِرِينَ أَمْرًا يَعْذِرُونَكُمْ بِهِ.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن سفيان)
الثوري أنه قال: (حدّثني) بالإفراد (قيس بن مسلم) الجدلي بضم الجيم أبو عمرو الكوفي العابد (عن طارق بن شهاب) البجلي الأحمسي أبي عبد الله الكوفي قال أبو داود: رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يسمع منه (عن أبي بكر) الصديق (رضي الله عنه) أنه (قال لوفد بزاخة) بضم الموحدة بعدها زاي مخففة فألف معجمة مفتوحة فهاء تأنيث وهم من طيئ وأسد وغطفان قبائل كثيرة وكان هؤلاء القبائل ارتدّوا بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واتبعوا طليحة بن خويلد الأسدي، وكان ادّعى النبوّة بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقاتلهم خالد بن الوليد بعد فراغه من مسيلمة فلما غلب عليهم تابوا وبعثوا وفدهم إلى أبي بكر يعتذرون فأحب أبو بكر أن لا يقضي فيهم إلا بعد المشاورة في أمرهم فقال لهم: (تتبعون) بسكون الفوقية الثانية (أذناب الإبل) في الصحارى (حتى يُري الله خليفة نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمهاجرين أمرًا يعذرونكم به).
وهذا مختصر ساقه الحميدي في الجمع بين الصحيحين بلفظ: جاء وفد بزاخة من أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح فخيّرهم بين الحرب المجلية والسلم المخزية فقالوا: هذه المجلية قد عرفناها فما المخزية؟ قال: تنزع منكم الحلقة والكراع ونقسم ما أصبنا منكم وتردّون علينا ما أصبتم منّا وتدّون لنا قتلانا ويكون قتلاكم في النار، وتتركون أقوامًا يتبعون أذناب الإبل حتى يرى الله خليفة رسوله والمهاجرين أمرًا يعذرونكم به فعرض أبو بكر ما قاله على القوم فقام عمر فقال: قد رأيت رأيًا