يريد أنه منقطع بين سعيد وجابر، وقد اعتضد هذا المنقطع بحديث ربيعة الجرشي عند الطبراني بنحو سياقه وسنده جيد، وأورده المؤلّف لرفع توهم من ظن أن طريق سعيد بن ميناء موقوف.
وبه قال:(حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن إبراهيم) النخعي (عن همام) هو ابن الحارث (عن حذيفة) بن اليمان -رضي الله عنه- أنه (قال: يا معشر القراء) بضم القاف وتشديد الراء مهموزًا جمع قارئ، والمراد العلماء بالقرآن والسُّنّة العباد (استقيموا) اسلكوا طريق الاستقامة بأن تتمسكوا بأمر الله فعلاً وتركًا (فقد سبقتم) بضم السين وكسر الموحدة مصححًا عليه في الفرع كأصله مبنيًّا للمفعول أي لازموا الكتاب والسُّنّة فإنكم مسبوقون (سبقًا بعيدًا) أي ظاهرًا ووصفه بالبعد لأنه غاية شأو المتسابقين، ولأبي ذر: سبقتم بفتح السين والموحدة. قال في الفتح: وبه جزم ابن التين وهو المعتمد، وزاد محمد بن يحيى الذهلي عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه، فإن استقمتم فقد سبقتم أخرجه أبو نعيم في مستخرجه وخاطب بذلك من أدرك أوائل الإسلام، فإذا تمسك بالكتاب والسُّنَّة سبق إلى كل لأن من جاء بعده إن عمل بعمله لم يصل إلى ما وصل إليه من سبقه إلى الإسلام إلا فهو أبعد منه حسًّا وحكمًا (فإن) خالفتم الأمر (أخذتم يمينًا وشمالاً) عن طريق الاستقامة (لقد ضللتم ضلالاً بعيدًا).
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: استقيموا لأن الاستقامة هي الاقتداء بسنن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد قال ابن عباس في قوله تعالى:{وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}[الأنعام: ١٥٣] قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الاختلاف والفرقة. وقال القرطبي أبو محمد: الصراط الطريق الذي هو دين الإسلام وقوله مستقيمًا نصب على الحال والمعنى مستويًا قويمًا لا اعوجاج فيه وقد بيّنه على لسان نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتشعبت منه طرق فمن سلك الجادة نجا، ومن خرج إلى تلك الطرق أفضت به إلى النار. وعن ابن مسعود قال: خطّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خطًّا بيده ثم قال: هذا سبيل الله مستقيمًا وخطّ عن يمينه وشماله ثم قال: هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ثم قرأ {وأن هذا صراطي مستقيمًا} الآية رواه الإمام أحمد.
وبه قال:(حدّثنا أبو كريب) بضم الكاف آخره موحدة مصغرًا محمد بن العلاء قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن بريد) بضم الموحدة وفتح الراء عبيد الله (عن) جده (أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء عامر أو الحارث (عن) أبيه (أبي موسى) عبد الله بن قيس -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(إنما مثلي ومثل ما) بفتح الميم والمثلثة فيهما أي صفتي العجيبة الشأن وصفة ما (بعثني الله به) إليكم من الأمر العجيب الشأن (كمثل رجل) كصفة رجل (أتى قومًا) بالتنكير للشيوع (فقال) لهم (يا قوم إني رأيت الجيش) المعهود (بعينيّ) بلفظ التثنية (وإني أنا النذير العريان) بالعين المهملة والراء الساكنة بعدها تحتية من التعري وهو مثل سائر يُضرَب لشدة الأمر ودنوّ المحذر وبراءة المحذر عن التهمة، وأصله أن الرجل إذا رأى العدوّ وقد هجم على قومه وكان يخشى لحوقهم عند لحوقه تجرد عن ثوبه وجعله على رأس خشبة وصاح ليأخذوا حذرهم ويستعدوا قبل لحوقهم وقال ابن السكن هو رجل من خثعم حمل عليه يوم ذي الخلصة عوف بن عامر فقطع يده ويد امرأته (فالنجاء) بالهمز والمد والرفع مصححًا عليه في الفرع، وفي غيره بالنصب مفعول مطلق أي الإسراع، والذي في اليونينية الهمز فقط من غير حركة رفع ولا غيره، وفي الرقائق في باب الانتهاء عن المعاصي فالنجاء النجاء مرتين (فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا) بهمزة مفتوحة فدال مهملة ساكنة وبالجيم ساروا أوّل الليل (فانطلقوا على مهلهم) بتحريك الهاء بالفتحة بالسكينة والتأني (فنجوا) من العدوّ (وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم