كما قالوا تربت يمينه وليس على معنى الدعاء بل على عادة العرب في استعمال هذه الألفاظ. وروي ارب بكسر الراء مع التنوين مثل حذر أي حاذق فطن يسأل عما يعنيه أي هو ارب فحذف المبتدأ ثم قال: ما له أي ما شأنه. قال في الفتح: ولم أقف على صحة هذه الرواية. وروي أرب بفتح الجميع رواه أبو ذر. قال القاضي عياض: ولا وجه له انتهى.
وقد وقعت في الأدب من طريق الكشميهني، كما قاله الحافظ ابن حجر: (تعبد الله ولا تشرك به شيئًا) ولابن عساكر: تعبد الله لا تشرك به شيئًا بإسقاط الواو (وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم) تحسن لقرابتك، وخص هذه الخصلة نظرًا إلى حال السائل كأنه كان قطاعًا للرحم فأمره به لأنه المهم بالنسبة إليه وعطف الصلاة وما بعدها على سابقها من عطف الخاص على العام إذ العبادة تشمل ما بعدها، ودلالة هذا الحديث على الوجوب فيها غموض.
وأجيب: بأن سؤاله عن العمل الذي يدخل الجنة يقتضي أن لا يجاب بالنوافل قبل الفرائض فيحمل على الزكاة الواجبة، وبأن الزكاة قرينة الصلاة المذكورة مقارنة للتوحيد، وبأنه وقف دخول الجنة على أعمال من جملتها أداء الزكاة فيلزم أن من لم يعملها لم يدخل الجنة ومن لم يدخل الجنة دخل النار وذلك يقتضي الوجوب.
(وقال بهز): بفتح الموحدة وسكون الهاء آخره زاي ابن أسد العمي البصري (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: حدّثنا محمد بن عثمان وأبوه عثمان بن عبد الله) فبين شعبة أن ابن عثمان اسمه محمد (أنهما سمعا موسى بن طلحة عن أبي أيوب) ولأبي ذر: عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بهذا) الحديث السابق. (قال أبو عبد الله): البخاري (أخشى أن يكون محمد غير محفوظ إنما هو عمرو) أي ابن عثمان والحديث محفوظ عنه ووهم شعبة وقد حدث به عن يحيى بن سعد القطان وإسحاق الأزرق وأبو أسامة وأبو نعيم كلهم عن عمرو بن عثمان. كما قاله الدارقطني وغيره.
وهذا الحديث رواته ما بين كوفي وواسطي ومدني، وأخرجه أيضًا في الأدب، ومسلم في الإيمان، والنسائي في الصلاة والعلم.
١٣٩٧ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ يَحْيَى ابْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- "أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ. قَالَ: تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ. قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا".
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي حَيَّانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو زُرْعَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَذَا.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن عبد الرحيم) أبو يحيى البغدادي عرف بصاعقة البزاز بمعجمتين (قال: حدّثنا عفان بن مسلم) بتشديد الفاء الصفار الأنصاري البصري (قال: حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد بن عجلان صاحب الكرابيسي (عن يحيى بن سعيد بن حيان) بفتح الحاء المهملة وتشديد المثناة التحتية التيمي تيم الرباب (عن أبي زرعة) هرم بفتح الهاء وكسر الراء ابن عمرو بن جرير البجلي الكوفي (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيًّا) بفتح الهمزة من سكن البادية وهل هو السائل في حديث أبي أيوب السابق أو غيره سبق ما فيه ثم (أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال):
(دلني) بضم الدال وتشديد اللام المفتوحة (على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال) عليه الصلاة والسلام: (تعبد الله) وحده (لا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة) غاير بين القيدين كراهة تكرير اللفظ الواحد أو احترز عن صدقة التطوّع لأنها زكاة لغوية أو عن المعجلة قبل الحول فإنها زكاة لكنها ليست مفروضة (وتصوم رمضان) ولم يذكر الحج اختصارًا أو نسيانًا من الراوي. (قال) الأعرابي: (والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا) المفروض أو لا أزيد على ما سمعت منك في تأديته لقومي فإنه كان وافدهم. وزاد مسلم شيئًا أبدًا ولا أنقص منه، (فلما ولى) أي: أدبر (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا) الأعرابي أي: إن داوم على فعل ما أمرته به لقوله في حديث أبي أيوب عند مسلم: "إن تمسك بما أمر به دخل الجنة".
وفيه أن المبشر بالجنة أكثر من العشرة كما ورد النص في الحسن والحسين وأمهما وأمهات المؤمنين، فتحمل بشارة العشرة أنهم بشروا دفعة واحدة أو بلفظ بشره بالجنة أو أن العدد لا ينفي الزائد، ولا يقال إن مفهوم الحديث كغيره مما يشبهه يدل على ترك التطوعات أصلاً لأنا نقول: لعل أصحاب هذه القصص كانوا حديثي عهد