بضم الخاء المعجمة واللام أي ليس الخلاء لها بعادة كما حسبتم (ولكن حبسها) أي القصواء (حابس الفيل) زاد ابن إسحاق عن مكة أي حبسها الله عن دخول مكة كما حبس الفيل عن مكة لأنهم لو دخلوا مكة على تلك الهيئة وصدّهم قريش عن ذلك لوقع بينهم ما يفضي إلى سفك الدماء ونهب الأموال لكن سبق في العلم القديم أنه يدخل في الإسلام منهم جماعات.
(ثم قال) عليه الصلاة والسلام (والذي نفسي بيده لا يسألوني) أي قريش ولأبي ذر لا يسألونني بنونين على الأصل (خطة) بضم الخاء المعجمة وتشديد الطاء المهملة أي خصلة (يعظمون فيها حرمات الله) يكفون بسببها عن القتال في الحرم تعظيمًا له (إلا أعطيتهم إياها) أي أجبتهم إليها وإن كان في ذلك تحمل مشقة (ثم زجرها) أي زجر عليه الصلاة والسلام الناقة (فوثبت) بالمثلثة وآخره مثناة أي
قامت (قال فعدل) عليه الصلاة والسلام (عنهم) وفي رواية ابن سعد فولى راجعًا (حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد) بفتح الثاء والميم آخره دال مهملة (قليل الماء) قال في القاموس: الثمد ويحرك وككتاب الماء القليل لا مادة له أو ما يبقى في الجلد أو ما يظهر في الشتاء ويذهب في الصيف اهـ.
وقوله قليل الماء قيل تأكيد لدفع توهم أن يراد لغة من يقول إن الثمد الماء الكثير وعورض بأنه إنما يتوجه أن لو ثبت في اللغة أن الثمد الماء الكثير، واعترض في المصابيح قوله تأكيد بأنه لو اقتصر على قليل أمكن أما مع إضافته إلى الماء فيشكل وذلك لأنك لا تقول هذا ماء قليل الماء. نعم قال الداودي: الثمد العين وقال غيره: حفرة فيها ماء فإن صح فلا إشكال.
(يتبرضه) بالموحدة المفتوحة بعد المثناتين التحتية والفوقية فراء مشددة فضاد معجمة أي يأخذه (الناس تبرضًا) نصب على أنه مفعول مطلق من باب التفعل للتكلف أي قليلاً قليلاً وقال صاحب العين التبرض جمع الماء بالكفّين (فلم يلبثه) بضم أوله وفتح اللام وتشديد الموحدة وسكون المثلثة في الفرع وأصله وغيرهما مصححًا عليه، ونسبه في الفتح وتبعه في العمدة لقول ابن التين، وضبطناه بسكون اللام مضارع ألبث أي لم يتركوه يلبث أي يقيم (الناس حتى نزحوه) لم يبقوا منه شيئًا يقال نزحت البئر على صيغة واحدة في التعدي واللزوم.
(وشكي) بضم أوله مبنيًّا للمفعول (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العطش) بالرفع نائبًا عن الفاعل (فانتزع سهمًا من كنانته) بكسر الكاف جعبته التي فيها النبل (ثم أمرهم أن يجعلوه) أي السهم (فيه) في الثمد، وروى ابن سعد من طريق أبي مروان حدّثني أربعة عشر رجلاً من الصحابة أن الذي نزل البئر ناجية بن الأعجم، وقيل هو ناجية بن جندب، وقيل البراء بن عازب، وقيل عباد بن خالد حكاه عن الواقدي، ووقع في الاستيعاب خالد بن عبادة قاله في المقدمة. وقال في الفتح: ويمكن الجمع بأنهم تعاونوا على ذلك بالحفر وغيره (فوالله ما زال يجيش) بفتح أوله وكسر الجيم آخره شين معجمة بعد تحتية ساكنة يفور ويرتفع (لهم بالري) بكسر الراء (حتى صدروا عنه) أي رجعوا رواء بعد ورودهم، وزاد ابن سعد حتى اغترفوا بآنيتهم جلوسًا على شفير البئر، (فبينما) بالميم ولأبي ذر عن الكشميهني فبينا بإسقاطها (هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء) بضم الموحدة وفتح الدال المهملة مصغرًا وأبوه بفتح الواو وسكون الراء وبالقاف ممدودًا (الخزاعي) بضم الخاء المعجمة وفتح الزاي وبعد الألف عين مهملة الصحابيّ المشهور (في نفر من قومه من خزاعة) منهم عمرو بن سالم، وخراش بن أمية فيما قاله الواقدي، وخارجة بن كرز، ويزيد بن أمية كما في رواية أبي الأسود عن عروة (وكانوا) أي بديل والنفر الذين معه (عيبة نصح رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بفتح العين المهملة وسكون التحتية وفتح الموحدة ويصح بضم النون أي موضع سرّه وأمانته فشبّه الصدر الذي هو مستودع السر بالعيبة التي هي مستودع خير الثياب وكانت خزاعة (من أهل تهامة) بكسر المثناة الفوقية مكة وما حولها زاد ابن إسحاق في روايته، وكانت خزاعة عيبة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مسلمها ومشركها لا يخفون عنه شيئًا كان بمكة (فقال) بديل (إني تركت كعب بن