وتشديد الياء فيهما (نزلوا أعداد مياه الحديبية) بفتح الهمزة وسكون العين المهملة جمع عد بالكسر والتشديد وهو الماء الذي لا انقطاع لمادّته كالعين والبئر وفيه أنه كان بالحديبية مياه كثيرة وأن قريشًا سبقوا إلى النزول عليها، ولذا عطش المسلمون حتى نزلوا على الثمد المذكور وذكر أبو الأسود في روايته عن عروة وسبقت قريش إلى الماء ونزلوا عليه (ومعهم العوذ) بضم العين المهملة وسكون الواو وآخره ذال معجمة جمع عائذ أي النوق الحديثات النتاج ذات اللبن (المطافيل) بفتح الميم والطاء المهملة وبعد الألف فاء مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فلام الأمهات التي معها أطفالها ومراده أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان من الإبل ليتزوّدوا بألبانها ولا يرجعوا حتى يمنعوه. وقال ابن قتيبة: يريد النساء والصبيان ولكنه استعار ذلك يعني أنهم خرجوا معهم بنسائهم وأولادهم لإرادة طول المقام وليكون أدعى إلى عدم الفرار، ويحتمل إرادة المعنى الأعم وعند ابن سعد معهم العوذ المطافيل والنساء والصبيان (وهم مقاتلوك وصادّوك) أي مانعوك (عن البيت) الحرام (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(إنّا لم نجيء لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين وأن قريشًا قد نهكتهم الحرب) بفتح أوله وبفتح الهاء وكسرها في الفرع كأصله أي أبلغت فيهم حتى أضعفت قوّتهم وهزلتهم أو أضعفت أموالهم (وأضرّت بهم فإن شاؤوا ماددتهم) أي جعلت بيني وبينهم (مدة) معينة أترك قتالهم فيها (ويخلوا بيني وبين الناس) أي من كفار العرب وغيرهم زاد أبو ذر عن المستملي والكشميهني إن شاؤوا (فإن أظهر) بالجزم (فإن شاؤوا) شرط معطوف على الشرط الأول (أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس) من طاعتي وجواب الشرطين قوله (فعلوا وإلا) أي وإن لم أظهر (فقد جمعوا) بفتح الجيم وتشديد الميم المضمومة أي استراحوا من جهد القتال، ولابن عائذ من وجه آخر عن الزهري: فإن ظهر الناس عليّ فذلك الذي يبغون فصرّح بما حذفه هنا من القسم الأول والتردد في قوله فإن أظهر ليس شكًّا في وعد الله أنه سينصره ويظهره بل على طريق التنزيل وفرض الأمر على ما زعم الخصم (وإن هم أبوا) امتنعوا (فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي) بالسين المهملة وككسر اللام أي حتى تنفصل رقبتي أي حتى أموت أو حتى أموت وأبقى منفردًا في قبري (ولينفذن الله أمره) بضم المثناة التحتية وسكون النون وبالذال المعجمة وتشديد النون وضبطه في المصابيح كالتنقيح بتشديد الفاء المكسورة أي ليمضين الله أمره في نصر دينه.
(فقال بديل: سأبلغهم) بفتح الموحدة وتشديد اللام (ما تقول. قال فانطلق) بديل (حتى أتى قريشًا قال: إنّا جئناكم من هذا الرجل) يعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وسمعناه يقول قولاً فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا. فقال سفهاؤهم) قال في الفتح: سمى الواقدي منهم عكرمة بن أبي جهل، والحكم بن أبي وقاص:(لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء. وقال ذو الرأي منهم: هات) بكسر التاء أي أعطني (ما سمعته يقول قال: سمعته يقول كذا وكذا فحدّثهم بما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقام عروة بن مسعود) هو ابن معتب بضم الميم وفتح العين المهملة وكسر الفوقية المشددة الثقفي أسلم ورجع إلى قومه ودعاهم إلى الإسلام فقتلوه (فقال: أي قوم) أي يا قوم (ألستم بالوالد) أي مثل الأب في الشفقة لولده؟
(قالوا: بلى. قال: أو لستم بالولد) مثل الابن في النصح لوالده؟ (قالوا: بلى) وعند ابن إسحاق عن الزهري أن أم عروة هي سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف فأراد بقوله ألستم بالوالد إنكم قد ولدتموني في الجملة لكون أمي منكم، ولأبي ذر فيما قاله الحافظ ابن حجر ألستم بالولد وألست بالوالد والأول هو الصواب وهو الذي في رواية أحمد وابن إسحاق وغيرهما (قال: فهل تتهموني)؟ ولأبي ذر تتهمونني بنوني على الأصل أي هل تنسبونني إلى التهمة (قالوا: لا). نتهمك (قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ) بضم العين المهملة وتخفيف الكاف وآخره ظاء معجمة غير منصرف لأبي ذر ولغيره بالتنوين أي دعوتهم