للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالمغفرة ليتحقق السامعون أن الضعف الذي وجد في نزعه من مقتض تغيير الزمان وقلة الأعوان لا أن ذلك منه -رضي الله عنه- لكن نسبه إليه إطلاقًا لاسم المحل على الحال وهو مجاز شائع في كلام العرب (ثم استحالت) أي تحولت الدلو (غربًا) بفتح الغين المعجمة وبعد الراء الساكنة موحدة دلوا عظيمة (فأخدها ابن الخطاب) عمر -رضي الله عنه- (فلم أر عبقريًا) أي سيدًا عظيمًا قويًا يقال هذا عبقري القوم كما يقال سيدهم وكبيرهم وقويهم، وقيل الأصل أن عبقر قرية يسكنها الجن فيما يزعمون فكلما رأوا شيئًا فائقًا غريبًا مما يصعب عمله ويدق أو شيئًا عظيمًا في نفسه نسبوه إليها ثم اتسع فيه فسمي به السيد الكبير والقوي وهو المراد هنا (من الناس ينزع نزع عمر) وفي رواية أبي يونس فلم أر نزع رجل قط أقوى منه (حتى ضرب الناس بعطن) بفتح المهملتين آخره نون ما يعد للشرب حول البئر من مبارك الإبل، وعند ابن أبي شيبة في مناقب عمر: حتى روي الناس وضربوا بعطن، وفي رواية همام فلم يزل ينزع حتى تولى الناس والحوض يتفجر وفيه إشارة إلى طول مدة خلافة عمر وكثرة انتفاع الناس بها.

وهذا الحديث قد سبق ويأتي إن شاء الله تعالى في كتاب التعبير.

٣٦٦٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي، إِلَاّ أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ» قَالَ مُوسَى: فَقُلْتُ لِسَالِمٍ أَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ: «مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ»؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ ذَكَرَ إِلَاّ «ثَوْبَهُ». [الحديث ٣٦٦٥ - أطرافه في: ٥٧٨٣، ٥٧٩١، ٦٠٦٢].

وبه قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي المجاور بمكة قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا موسى بن عقبة) الإمام في المغازي (عن سالم بن عبد الله عن) أبيه (عبد الله بن عمر) -رضي الله عنهما- أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(من جرّ ثوبه خيلاء) أي لأجل الخيلاء أي كبرًا (لم ينظر الله إليه) نظر رحمة (يوم القيامة. فقال أبو بكر: إن أحد شقي) بكسر المعجمة أي جانبي (ثوبي يسترخي) بالخاء المعجمة وكان سبب استرخائه نحافة جسم أبي بكر -رضي الله عنه- (إلا أن أتعاهد ذلك منه) أي إذا غفلت عنه استرخى (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنك لست تصنع ذلك خيلاء) فيه أنه لا حرج على من انجرّ إزاره بغير قصد مطلقًا وهل كراهة ذلك للتحريم أو للتنزيه فيه خلاف.

(قال موسى) بن عقبة بالسند السابق (فقلت لسالم) هو ابن عبد الله بن عمر (أذكر) فعل ماض والهمزة للاستفهام (عبد الله) أي أبوه (من جرّ إزاره؟ قال): سالم (لم أسمعه ذكر إلاّ ثوبه).

ومباحث هذا تأتي إن شاء الله تعالى في اللباس بعون الله وقوته.

٣٦٦٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَىْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ -يَعْنِي الْجَنَّةَ- يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصِّيَامِ وَبَابِ الرَّيَّانِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا عَلَى هَذَا الَّذِي يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ. وَقَالَ: هَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ».

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- (قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(من أنفق زوجين) أي شيئين (من شيء من الأشياء) وفسر في بعض الأحاديث ببعيرين شاتين درهمين. قال التوربشتي: ويحتمل أن يراد به تكرار الإنفاق مرة بعد أخرى. قال الطيبي: وهذا هو الوجه إذا حملت التثنية على التكرير لأن القصد من الإنفاق التثبيت من الأنفس بإنفاق كرائم الأموال والمواظبة على ذلك كما قال تعالى: {ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتًا من أنفسهم} [البقرة: ٢٦٥]. أي ليثبتوا ببذل المال الذي هو شقيق الروح وبذله أشق شيء على النفس من سائر العبادات الشاقة (في سبيل الله) في طلب ثوابه وهو أعم من الجهاد وغيره من العبادات أو خاص بالجهاد (دعي من أبواب) بغير تنوين (يعني الجنة) والظاهر أن لفظ الجنة سقط عند بعض الرواة فلمراعاة المحافظة زاد يعني (يا عبد الله هذا خير) أي من الخيرات وليس المراد به أفعل التفضيل (فمن كان من أهل الصلاة) المؤدين لفرائضها المكثرين من نوافلها (دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة) المكثرين منها (دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام) المكثرين منه (دعي من باب الصيام وباب الريان) وسقطت الواو من بعض النسخ فيكون باب بدلاً أو بيانًا (فقال أبو بكر: ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة؟) قال المظهري: ما نفي

<<  <  ج: ص:  >  >>