للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن في من ضرورة زائدة أي ليس ضرورة على من دعي من تلك الأبواب إذ لو دعي من باب واحد لحصل مراده وهو دخول الجنة مع أنه لا ضرورة عليه أن يدعى من جميع الأبواب.

(وقال): أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- (هل يدعي منها كلها أحد يا رسول الله؟

قال): -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولأبي ذر: فقال (نعم) يدعى منها كلها على سبيل التخيير في الدخول من أيها شاء لاستحالة الدخول من الكل معًا (وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر).

والحاصل أن كل من أكثر نوعًا من العبادة خصّ بباب يناسبه ينادى منه فمن اجتمع له العمل بجميعها دعي من جميع الأبواب على سبيل التكريم ودخوله إنما يكون من باب واحد وهو باب العمل الذي يكون أغلب عليه، وأن الصديق من أهل الأعمال كلها إذ الرجاء منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واجب وفيه أقوى دليل على فضيلة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه. والحديث سبق في الصوم.

٣٦٦٧ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ -قَالَ إِسْمَاعِيلُ: يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ- فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قَالَتْ وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَاّ ذَاكَ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَبَّلَهُ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا. ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ، عَلَى رِسْلِكَ. فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ".

وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) الأويسي (قال: حدّثنا سليمان بن بلال) أبو أيوب القرشي التيمي (عن هشام بن عروة عن) أبيه (عروة بن الزبير) ولأبي ذر: قال (أخبرني) بالإفراد عروة بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مات وأبو بكر) غائب عند زوجته بنت خارجة الأنصاري (بالسنح) بالسين المهملة المضمومة والنون الساكنة بعدها حاء مهملة (قال إسماعيل) بن عبد الله الأويسي المذكور (يعني) ولأبي ذر تعني بالفوقية بدل التحتية أي عائشة بالسنح (بالعالية) وهي منازل بني الحرث (فقام عمر) بن الخطاب حال كونه (يقول: والله ما مات رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وعند أحمد أن عائشة قالت: جاء عمر والمغيرة بن شعبة فاستأذنا فأذنت لهما وجذبت الحجاب فنظر عمر إليه فقال: واغشياه ثم قاما فلما دنوا من الباب قال المغيرة: يا عمر مات. قال: كذبت إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يموت حتى يفني الله المنافقين.

الحديث، وهذا قاله عمر بناء على غلبة ظنه حيث أداه اجتهاده إليه، وفي سيرة ابن إسحاق من طريق ابن عباس أن عمر -رضي الله عنه- قال له: إن الحامل على هذه المقالة قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا} [البقرة: ١٤٣].

فظن أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يبقى في أمته حتى يشهد عليها.

(قالت): عائشة (وقال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك) أي عدم موته (وليبعثنه الله) عز وجل في الدنيا (فليقطعن) بفتح اللام والتحتية وسكون القاف وفتح الطاء، ولأبي ذر:

فليقطعن بضم التحتية وفتح القاف وكسر الطاء مشددة (أيدي رجال وأرجلهم) قائلين بموته عليه الصلاة والسلام (فجاء أبو بكر) -رضي الله عنه- من السنح (فكشف عن) وجه (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقبّله) بين عينيه (فقال): وفي اليونيية والفرع قال: وكشط ما قبلها (بأبي أنت وأمي) أي مفدى بهما فالباء متعلقة بمحذوف (طبت حيًّا وميّتًا و) الله (الذي نفسي بيده لا يذيقك الله) برفع يذيق (الموتتين) في الدنيا (أبدًا) ومراده الرد على عمر حيث قال: إن الله بعثه حتى يقطع أيدي رجال وأرجلهم لأنه لو صح ما قاله لزم أن يموت موتة أخرى فأشار إلى أنه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين كما جمعهما على غيره الذي مرّ على قرية أو أنه يحيا في قبره ثم لا يموت (ثم خرج) أبو بكر من عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعمر يكلم الناس (فقال): له (أيها الحالف) أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما مات (على رسلك) بكسر الراء اتئد في الحلف ولا تستعجل (فلما تكلم أبو بكر جلس عمر) وفي الجنائز خرج أبو بكر وعمر يكلم الناس فقال: اجلس فأبى.

٣٦٦٨ - "فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَىٌّ لَا يَمُوتُ وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠]. وَقَالَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: ١٤٤]. قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ. قَالَ: وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ، فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَاّ أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلَامًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ. ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ، فَقَالَ فِي كَلَامِهِ: نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ. فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا، وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ. هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا، فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ. فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ. فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقَالَ عُمَرُ قَتَلَهُ اللَّهُ".

(فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال: ألا) بالتخفيف للتنبيه على ما يأتي بعد (من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات) وسقطت التصلية لأبي ذر (ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وقال: {إنك ميت وإنهم لميتون}) [الزمر: ٣٠]. فإن الكل بصدد الموت في عداد الموتى (وقال: {وما محمد إلاّ رسول قد خلت

<<  <  ج: ص:  >  >>