للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئًا}) بارتداده ({وسيجزي الله الشاكرين}) [آل عمران: ١٤٤]. (قال: فنشج الناس) بنون فشين معجمة فجيم مفتوحات (يبكون) قال

الجوهري: نشج الباكي إذا غصّ بالبكاء في حلقه من غير انتحاب أو هو بكاء معه صوت.

(قال: واجتمع الأنصار إلى سعد بن عبادة) الأنصاري الساعدي وكان نقيب بني ساعدة لأجل الخلافة (في سقيفة بني ساعده) موضع مسقف كالساباط يجتمع إليه الأنصار (فقالوا): أي الأنصار للمهاجرين (منّا أمير ومنكم أمير) قالوا ذلك على عادة العرب الجارية بينهم أن لا يسود القبيلة إلا رجل منهم (فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة) عامر (بن الجراح) -رضي الله عنهم- (فذهب عمر يتكلم فأسكته) بالفوقية (أبو بكر، وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلامًا قد أعجبني خشيت) أي خفت (أن لا يبلغه أبو بكر ثم تكلم أبو بكر فتكلم) حال كونه (أبلغ الناس). ويجوز رفع أبلغ خبر مبتدأ محذوف أي فتكلم أبو بكر وهو أبلغ الناس.

وفي باب رجم الحبلى من الزنا من حديث ابن عباس عن عمر أنه قال: قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر -رضي الله عنه-، فقلت لأبي بكر: انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نريدهم. الحديث إلى أن قال: فلما جلسنا خطب خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد؛ فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر فلما سكت قال عمر: أردت أن أتكلم وكنت زوّرت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحديث، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلاّ قال في بديهته مثلها أو أفضل منها.

(فقال في) جملة (كلامه: نحن) أي قريش (الأمراء وأنتم الوزراء) المستشارون في الأمور والخلافة لا تكون إلا في قريش (فقال حباب بن المنذر): بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة الأولى مخففة والمنذر بلفظ الفاعل من الإنذار الأنصاري (لا والله لا نفعل) ذلك (منا أمير ومنكم أمير) وزاد ابن سعد من رواية يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد: فإنا والله ما ننفس عليكم هذا الأمر ولكنا نخاف أن يليه أقوام قتلنا آباءهم وإخوانهم (فقال أبو بكر: لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء. هم) أي قريش (أوسط العرب دارًا) مكة أي هم أشرف قبيلة (وأعربهم أحسابًا) بالموحدة في أعربهم وأحسابًا بفتح الهمزة بالموحدة جمع حسب أي شبه شمائل وأفعالاً بالعرب والحسب الفعال الحسان مأخوذ من الحساب إذا عدّوا مناقبهم فمن كان أكثر كان أعظم حسنًا، ويقال النسب للآباء والحسب للأفعال (فبايعوا) بكسر التحتية بلفظ الأمر (عمر بن الخطاب أو أبا عبيدة بن الجراح) ثبت ابن الجراح لأبي ذر (فقال عمر): -رضي الله عنه- (بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخبرنا وأحبنا إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأخذ عمر بيده) أي بيد أبي بكر (فبايعه وبايعه الناس)

المهاجرون وكذا الأنصار حين قامت عليهم الحجة بثبوت قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الخلافة في قريش عندهم"

(فقال قائل): من الأنصار (قتلتم سعد بن عبادة) أي كدتم تقتلونه أو هو كناية عن الإعراض والخذلان (فقال عمر: قتله الله) دعاء عليه لعدم نصرته للحق وتخلفه فيما قيل عن بيعة أبي بكر وامتناعه منها، وتوجه إلى الشام فمات بها في ولاية عمر بحوران سنة أربع عشرة أو خمس عشرة، وقيل إنه وجد ميتًا في مغتسله وقد اخضرّ جسده ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلاً يقول ولا يرون شخصه:

قد قتلنا سيد الخز ... رج سعد بن عباده

فرميناه بسهميـ ... ـن فلم يخط فؤاده

<<  <  ج: ص:  >  >>