شفاعة أو أن جزاء الكافر من العذاب يقع على كفره وعلى معاصيه، فيجوز أن يضع الله عن بعض الكفار بعض جزاء معاصيه تطييبًا لقلب الشافع لا ثوابًا للكافر لأن حسناته صارت بموته على الكفر هباء منثورًا لكنهم قد يتفاوتون فمن كانت له حسنات من عتق أو مواساة مسلم ليس كمن ليس له ذلك، فيحتمل أن يجازى بالتخفيف بمقدار ما عمل لكنه معارض بقوله تعالى:{ولا يخفف عنهم من عذابها}[فاطر: ٣٦].
وبه قال:(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(يجمع الله الناس يوم القيامة) ولأبي ذر عن المستملي: جمع الله بلفظ الماضي والأول هو المعتمد وفي حديث أبي هريرة يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم الصبر وتدنو الشمس من رؤوسهم فيشتد عليهم حرّها (فيقولون) من الضجر والجزع مما هم فيه (لو استشفعنا على) بالعين ضمن استشفع معنى الاستعانة يعني لو استعنا على (ربنا) لأن الاستشفاع طلب الشفاعة وهي انضمام الأدنى إلى الأعلى ليستعين به على ما يرويه وفي رواية هشام الدستوائي السابقة في سورة البقرة إلى ربنا (حتى يريحنا) بالحاء المهملة من الإراحة أي يخلصنا (من مكاننا) وما فيه من الأهوال ولو هي المتضمنة للتمني والطلب فلا تحتاج إلى جواب أو جوابها محذوف (فيأتون آدم) عليه السلام وقدموه لأنه الأول (فيقولون) له بعثًا له على أن يشفع لهم (أنت الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه) زاد همام في روايته الآتية إن شاء الله تعالى في كتاب التوحيد وأسكنك جنته وعلمك أسماء كل شيء ووضع شيء موضع أشياء أي المسميات كقوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها}[البقرة: ٣١] أي أسماء المسميات (وأمر الملائكة) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: وأمر ملائكته (فسجدوا لك) سجود خضوع لا سجود عبادة (فاشفع لنا عند ربنا) حتى يريحنا من مكاننا هذا (فيقول) آدم (لست هناكم) بضم الهاء وتخفيف النون أي لست في المكان والمنزل الذي تحسبونني يريد به مقام الشفاعة (ويذكر خطيئته التي أصابها) وهي أكله من الشجرة التي نهي عنها قاله تواضعًا واعتذارًا من التقاعد عن الإجابة وإعلامًا بأنها لم تكن له (ويقول) لهم (ائتوا نوحًا) عليه السلام وسقط ويقول لأبي ذر (أول رسول بعثه الله) أي بعد آدم وشيث إدريس أو الثلاثة كانوا أنبياء ولم يكونوا رسلاً نعم كان آدم مرسلاً وأنزل على شيث الصحف وهو من علامة الإرسال أو رسالة آدم لبنيه وهم موحدون ليعلمهم شريعته ورسالة نوح للكفار ليدعوهم إلى التوحيد (فيأتونه فيقول) لهم (لست هناكم ويذكر خطيئته) وهي سؤاله ربه ما ليس له به علم وهو قوله: {رب إن ابني من أهلي}[هود: ٤٥](ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلاً فيأتونه فيقول) لهم (لست هناكم ويذكر خطيئته) زاد مسلم التي أصاب فيستحيي من ربه وفي رواية همام: إني كذبت ثلاث كذبات وزاد سفيان قوله {إني سقيم}[الصافات: ٨٩] وقوله: {بل فعله كبيرهم}[الأنبياء: ٦٣] قوله لامرأته: أخبريه أني أخوك، وهذه الثلاثة من المعاريض إلا أنهما لما كانت صورتها صورة الكذب أشفق منها (ائتوا موسى الذي كلمه الله) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي كلم الله (فيأتونه فيقول) لهم (لست هناكم) وسقط لأبي ذر قوله فيقول لست هناكم (فيذكر خطيئته) وهي أنه قتل نفسًا لم يؤمر بقتلها (ائتوا عيسى فيأتونه فيقول) لهم (لست هناكم) ولم يذكر ذنبًا لكن وقع في رواية أبي نضرة عن أبي سعيد: إني عبدت من دون الله رواه مسلم (ائتوا محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي كشف علوم الآخرة للغزالي: إن بين إتيان أهل الموقف آدم وإتيانهم نوحًا ألف سنة وكذا بين