كل نبي ونبي. قال في الفتح: ولم أقف لذلك على أصل ولقد أكثر من هذا الكتاب من إيراد أحاديث لا أصل لها فلا يغتر بشيء منها انتهى.
وتعقبه العيني بأن جلالة قدر الغزالي تنافي ما ذكره وعدم وقوفه على أصل لذلك لا يستلزم
نفي وقوف غيره لذلك على أصل فإنه لم يحط علمًا بكل ما ورد حتى يدعي هذه الدعوى انتهى.
وأجاب في انتقاض الاعتراض بأن جلالة الغزالي لا تنافي أنه يحسن الظن ببعض الكتب فينقل منها ويكون ذلك المنقول غير ثابت كما وقع له ذلك في الإحياء في نقله من قوت القلوب كما نبه على ذلك غير واحد من الحفّاظ وقد اعترف هو بأن بضاعته في الحديث مزجاة. قال ابن حجر: ولم أدّع أني أحطت علمًا وإنما نفيت اطّلاعي وإطلاقي في الثاني محمول على تقييدي في الأول والحكم لا يثبت بالاحتمال فلو كان هذا المعترض يعني العيني اطّلع على شيء من ذلك يخالف قولي لأبرزه وتبجح به انتهى.
وقد ألهم الله تعالى الناس سؤال آدم ومن بعده في الابتداء ولم يلهموا سؤال نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع أن فيهم من سمع هذا الحديث منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتحقق اختصاصه بذلك إظهارًا لفضيلة نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ورفعة منزلته وكمال قربه وتفضيله على جميع المخلوقين. (فقد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر) ما وقع عن سهو وتأويل أو ما كان الأولى تركه أو أنه مغفور له غير مؤاخذ لو وقع منه. قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فيأتوني) زاد في رواية سعيد بن أبي هلال المذكورة في التوحيد فأقول أنا لها أنا لها (فأستأذن على ربي) زاد همام في داره فيؤذن لي أي في دخول الدار وهي الجنة وأضيفت إليه تعالى إضافة تشريف (فإذا رأيته) تعالى (وقعت) له حال كوني (ساجدًا) وفي رواية أبي بكر عند أبي عوانة فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربي (فيدعني) في السجود (ما شاء الله) زاد مسلم أن يدعني وسقطت الجلالة الشريفة لأبي ذر وفي حديث عبادة بن الصامت عند الطبراني فإذا رأيته خررت له ساجدًا شكرًا له (ثم يقال ارفع) ولأبي ذر ثم يقال لي ارفع (رأسك) وفي رواية النضر بن أنس عند أحمد فأوحى الله إلى جبريل أن اذهب إلى محمد فقل له ارفع رأسك (سل تعطه) بغير واو ولا همز (قل يسمع) بغير واو أيضًا نعم في اليونينية وقل بإثباتها (واشفع تشفع) أي تقبل شفاعتك (فأرفع رأسي فأحمد رب بتحميد يعلمني) وفي رواية ثابت عند أحمد بمحامد لم يحمده بها أحد قبلي ولا يحمده أحد بعدي (ثم اشفع) في الإراحة من كرب الموقف ثم في الإخراج من النار بعد التحوّل من الموقف والمرور على الصراط وسقوط من يسقط حينئذ في النار (فيحدّ لي) بفتح التحتية وضم الحاء المهملة أي يبين لي كل طور من أطوار الشفاعة (حدًّا) أقف عنده فلا أتعداه مثل أن يقول شفعتك فيمن أخلّ بالجماعة ثم فيمن أخلّ بالصلاة ثم فيمن شرب الخمر ثم فيمن زنى وعلى هذا الأسلوب قاله في شرح المشكاة عن التوربشتي. قال في الفتح: والذي يدل عليه سياق الأخبار أن المراد به تفصيل مراتب المخرجين في الأعمال الصالحة كما وقع عند أحمد عن يحيى القطان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في هذا الحديث بعينه (ثم أخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ثم أعود فأقع) حال كوني (ساجدًا مثله) أي مثل الأول (في) المرة (الثالثة أو الرابعة) بالشك من الراوي (حتى) أقول يا رب (ما بقي) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ما يبقى (في النار إلا من حبسه) فيها (القرآن وكان) بالواو
ولأبي ذر فكان (قتادة) بن دعامة (يقول عند هذا) القول وهو من حبسه القرآن (أي وجب عليه الخلود) بنحو قول الله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به}[النساء: ٤٨] والحديث سبق في أول سورة البقرة.
وبه قال:(حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن الحسن بن ذكوان) أبي سلمة البصري صدوق يخطئ ورمي بالقدر لكنه ليس له في البخاري سوى هذا الحديث من رواية يحيى القطان عنه مع تعنته في الرجال ومع ذلك فهو