بقوله من ذهب، وأما إيمانًا فمفعول قوله محشوًّا لأن اسم المفعول يعمل عمل فعله وحكمة عطف عليه ويحتمل أن يكون أحد الإناءين أعني الطست والتور فيه ماء زمزم والآخر المحشوّ بالإيمان وأن يكون التور ظرف الماء وغيره والطست لما يصب فيه عند الغسل صيانة له عن التبدّد في الأرض والمراد أن الطست كان فيه شيء يحصل به كمال الإيمان فالمراد سببهما مجازًا (فحشا به) بفتح الحاء المهملة والشين المعجمة (صدره ولغاديده) بالغين المعجمة والمهملتين بينهما تحتية ساكنة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فحشي بضم الحاء وكسر الشين به صدره ولغاديده برفعهما وفسر اللغاديد قوله (يعني عروق حلقه ثم أطبقه) ثم أركبه البراق إلى بيت المقدس (ثم عرج به إلى السماء الدنيا) بفتح العين والجيم (فضرب بابًا من أبوابها فناداه أهل السماء مَن هذا؟ فقال: جبريل. قالوا: ومن معك؟ قال: معي محمد) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قال) قائلهم (وقد بعث إليه)؟ للإسراء وصعود السماوات وليس المراد الاستفهام عن أصل البعثة والرسالة فإن ذلك لا يخفى عليه إلى هذه المدة ولأن أمر نبوته كان مشهورًا في الملكوت الأعلى وهذا هو الصحيح (قال) جبريل: (نعم. قالوا: فمرحبًا به وأهلاً فيستبشر به أهل السماء) وسقطت الفاء من فيستبشر للأصيلي وزاد أي الأصيلي الدنيا (لا يعلم أهل السماء بما) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني ما (يريد الله) عز وجل (به في الأرض حتى يعلمهم) أي على لسان من شاء كجبريل عليه السلام (فوجد في السماء الدنيا أم) عليه السلام (فقال له جبريل: هذا أبوك فسلّم) وللأصيلي أبوك آدم فسلم (عليه فسلم عليه وردّ عليه آدم) السلام (فقال مرحبًا وأهلاً يا بني نعم الابن أنت فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين) بفتح الهاء (يطّردان) بتشديد الطاء المهملة يجريان (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لجبريل:
(ما هذان النهران يا جبريل؟ قال: هذان النيل والفرات عنصرهما) بضم العين والصاد المهملتين أي أصلهما (ثم مضى به في السماء) أي الدنيا (فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب يده) أي في النهر وللأصيلي بيده (فإذا هو مسك) ولأبي ذر والأصيلي مسك أذفر بالذال المعجمة جيد الرائحة (قال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك) خبأ بالخاء المعجمة والموحدة المفتوحتين مهمز أي ادّخر لك (ربك) ولأبي ذر عن الكشميهني: حباك بفتح الحاء المهملة والموحدة وبعد الألف كاف به ربك. هذا مما استشكل من رواية شريك فإن الكوثر في الجنة والجنة في السماء السابعة، ويحتمل أن يكون هنا حذف تقديره ثم مضى به في السماء الدنيا إلى السابعة فإذا هو بنهر (ثم عرج إلى السماء) ولأبي ذر والأصيلي ثم عرج به إلى السماء (الثانية فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الأولى من هذا؟ قال: جبريل. قالوا: ومن معك؟ قال:
محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم. قالوا: مرحبًا به وأهلاً. ثم عرج به) جبريل (إلى السماء الثالثة وقالوا له مثل ما قالت الأولى والثانية ثم عرج به) جبريل (إلى الرابعة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به) جبريل (إلى السماء الخامسة فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به) جبريل (إلى السادسة) ولأبي ذر إلى السماء السادسة (فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به) جبريل (إلى السماء السابعة فقالوا له مئل ذلك كل سماء فيها أنبياء قد سماهم فأوعيت) بفتح الهمزة والعين ولأبي ذر عن الكشميهني فوعيت (منهم إدريس) وللأصيلي وأبي ذر عن الحموي والمستملي قد سماهم منهم إدريس (في الثانية، وهارون في الرابعة وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه وإبراهيم في السادسة وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله) عز وجل أي بسبب أن له فضل لام الله إياه. وهذا موضع الترجمة من الحديث.
(فقال موسى رب لم أظن أن يرفع) بضم التحتية وفتح الفاء (عليّ) بتشديد الياء (أحد) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لم أظن أن ترفع عليّ أحدًا