للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث: (أن النبي كان يقول إذا أصابه كرب: (لا إله إلا الله العظيم الحليم)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثني محمد بن المثنى ومحمد بن بشار -الملقب بـ بندار - وعبيد الله بن سعيد].

وهو ابن يحيى اليشكري، أبو قدامة السرخسي.

وبعض الطلاب ينطقها السرْخَسي، والأصل فيها السرَخْسي؛ لأن البلد اسمها سرَخْس، وليس سرْخَس، وإليها ينسب الإمام السرَخْسي، الإمام الكبير، وهو علم من أعلام الفقه الحنفي، وله كتاب عظيم جداً ضخم في المذهب الحنفي في الفقه اسمه (المبسوط).

[قالوا جميعاً: حدثنا معاذ بن هشام].

وهو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وليس لـ هشام بن عروة ولد يسمى معاذاً، وإنما إذا ذكر معاذ بن هشام فهو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وأصله فارسي ولكنه نزل بغداد.

[قال: حدثني أبي -وهو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي - عن قتادة - وهو ابن دعامة السدوسي البصري -عن أبي العالية] وهو رفيع بن مهران الرياحي، معروف بكنيته أبو العالية الرياحي، وقد كان من أئمة العلم والزهد كذلك [عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب -أي: إذا أصابه كرب أو غم أو هم-: (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم)].

وقد كان ابن عباس يعجب أشد العجب من هذا الدعاء، ويوصي به دائماً، وهو الذي رواه عن النبي عليه الصلاة والسلام.

قال الإمام النووي: (وهو حديث جليل ينبغي الاعتناء به).

أي: ينبغي على كل مسلم أن يحفظه، وأن يدعو به إذا نزل به الكرب أو الهم أو الغم، وما أكثره خاصة في هذا الزمان.

قال: (والإكثار منه عند الكرب والأمور العظيمة).

أي: يسن ويستحب لك أن تكرره دائماً حتى يزول هذا الكرب وينكشف الغم.

قال: (قال الطبري: كان السلف يدعون به -يعني: كان السلف يهتمون اهتماماً عظيماً جداً بهذا الدعاء- ويسمونه دعاء الكرب -أي: الدعاء الذي يزيل الكرب- فإن قيل: هذا ذكر وليس فيه دعاء).

لأن الدعاء عبارة عن طلب، مثل: اللهم اكشف كربي وأزل همي وغمي وغير ذلك، وأما هذا فهو ذكر لله تعالى، فكيف نفهم أنه دعاء؟ قال الإمام النووي: (فجوابه من وجهين: أحدهما: أن هذا الذكر يستفتح به الدعاء).

يعني: اجعل هذا الذكر دائماً في مقدمة دعائك، فإذا أردت أن تدعو الله أن يكشف عنك الهم والحزن فقدم بين يدي طلبك ودعائك هذا الذكر لله تعالى، وكأن هذا الذكر هو مفتاح الدعاء الذي إذا قدمته على الدعاء تقبل الله تعالى دعاءك.

قال: (ثم يدعو بما شاء).

(والثاني: جواب سفيان بن عيينة أنه قال: أما علمت قول الله تعالى في الحديث القدسي: (من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائلين)).

يعني: لو أن العبد انشغل بذكر الله تعالى ولم ينشغل بالطلب والدعاء فهذا أولى وأفضل.

ولكن هذا الحديث ضعيف، فيسلم لنا من هذين الوجهين الوجه الأول، وهو أن هذا الحديث إنما حثنا ودلنا على ذكر ولم يدلنا على دعاء، وجوابه عند الإمام النووي وغيره من أهل العلم: أن هذا وإن كان ذكراً إلا أنه كالمفتاح لدعائك الله تعالى برفع الهم وإزالة الغم وتفريج الكربات التي نزلت بك، فعلى الإنسان أن يقدم بين يدي دعائه هذا الذكر.

قال: (وقال الشاعر: إذا أثنى عليك المرء يوماً كفاه من تعرضه الثناء) يعني: إذا ذكر المرء الله تعالى في يوم فإن هذا الثناء والذكر لله تعالى يغنيه عن طلب الدعاء أو عن طلب تفريج الهم والغم.