قال: [حدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (خلق الله عز وجل تعالى آدم على صورته)].
الضمير في قوله:(صورته) يعود على آدم، وهو أقرب اسم مذكور مفرد للضمير فيعود عليه الضمير.
خلق الله آدم على صورته.
أي: على صورة آدم.
وبعض أهل العلم أنكر هذا التأويل فقال: وليس في هذا بلاغة ولا فصاحة، والنبي صلى الله عليه وسلم هو أبلغ الخلق وأفصح الخلق، فلا يتصور أن يكون التقدير هكذا خلق الله آدم على صورة آدم، وحملوا الضمير على الرحمن الذي قد جاء في حديث آخر:(خلق الله آدم على صورة الرحمن).
وهذا أرجح القولين عندي، لكن لا يلزم من ذلك أن تكون صورة الله تعالى هي نفس صورة الرجل من خلقه، فيكون المعنى: كما أن الله تعالى له ذات وصورة لا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى، فكذلك آدم لما خلق كان له صورة.
فيكون التقدير: خلق الله آدم على صورة كما أن الله تعالى على صورة، ولا يلزم من المماثلة بين الاسمين أو الوصفين المماثلة من كل وجه، بل يحكم هذا وذاك قول الله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١].
أي: ليس كمثله شيء لا في الذات ولا في الصفات، وكما أن نعيم الجنة لا يتفق مع نعيم الدنيا إلا في الاسم فقط، ولا يلزم منه المماثلة والمشابهة كما قلنا من قبل، فكذلك لله تعالى صورة، ولا بد؛ لأنه ذات علية سبحانه وتعالى، وكل ذات لها أوصاف؛ ولذلك وصف نفسه بأوصاف، ووصفه رسوله عليه الصلاة والسلام بأوصاف، وسمى الله تعالى نفسه بأسماء، وسماه رسوله بأسماء، فنتوقف عند حد ثبوت الأسماء والصفات الثابتة في الكتاب والسنة لله عز وجل من غير خوض في الكيفية.
وهذا مذهب أهل الحق لا نفوض في المعنى، ولا نفوض في العلم وإنما نفوض الكيفية، فالله تعالى له صورة؛ لأنه أخبر أن له صورة، ونمسك عن ماهية هذه الصورة وكيفيتها، وآدم له صورة ولا يلزم المماثلة والمشابهة من إثبات الصورة لله وإثبات الصورة لآدم.
نكتفي بهذا القدر، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً