قال:(فإن قتل عمداً مستحلاً له بغير حق ولا تأويل؛ فهو كافر مرتد يخلد في جهنم بالإجماع، وإن كان غير مستحل).
أي: من قتل عمداً لكنه ليس مستحلاً للقتل، ومعتقداً تحريم ذلك، فهو فاسق عاص مرتكب للكبيرة، جزاؤه جهنم خالداً فيها، لكن بفضل الله تعالى أنه لا يخلد فيها من مات موحداً، وقد يعفى عنه فلا يدخل النار أصلاً، وقد لا يعفى عنه بل يعذب كسائر العصاة الموحدين، ثم يخرج معهم إلى الجنة، فهذا هو الصواب في معنى هذه الآية، ولا يلزم من كونه يستحق أن يجازى بعقوبة مخصوصة أن ذلك حتم في حقه، وليس في الآية إخبار بأنه يخلد في جهنم، إنما فيها أن جهنم جزاؤه إن أراد الله تعالى أن يجازيه، ولذلك لم تقل الآية: ومن يقتل مؤمناً متعمداً فيخلد في جهنم، أو يدخل جهنم، وإنما قالت:{فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}[النساء:٩٣] يعني: ليس بلازم إذا وقع العبد في الذنب أن يجازى به، فيمكن أن يجازى بجزاء آخر، فالله عز وجل يخفف عن عبده من عقوبة إلى عقوبة أخف برحمته وفضله سبحانه وتعالى حتى يصل إلى درجة العفو، والعفو والعذاب بيده سبحانه وتعالى، ونحن في قبضته ومشيئته يفعل ما يشاء، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، فأنا عبده، فإن عذبني فبعدله، وإن غفر فبفضله، فأنا أدور بين درجتين: درجة العدل، ودرجة الفضل والإنعام والتكرم.
قال:(وليس في الآية إخبار بأنه يخلد في جهنم، وإنما فيها أن هذا الجزاء، أي: يستحق أن يجازى بذلك إن قتل، وقيل: إن المراد: من قتل مستحلاً).
ثم ذكر بعد ذلك أقوالاً أخرى للدلالة على ما ذكرناه أنفاً، وزاد أقوالاً فيها ضعف، وأقوى الأقوال في قتل المؤمن عمداً ما قدمناه، والذي يسرنا أن نقول: أن ابن عباس قد رجع عن قوله: بأن قاتل المؤمن عمداً لا توبة له.
ومن لم يجد رقبة مؤمنة بعتقها فإنه يصوم شهرين متتابعين مع وجوب الدية.