[عدد أبواب الجنة]
إن معرفة عدد أبواب الجنة من مسائل الاعتقاد؛ لأنها متعلقة بالغيب، فلا يأتي أحد يقول: أبواب الجنة ليس لها نهاية، وأبواب النار أيضاً ليس لها نهاية؛ لأن العلم الشرعي يقول: إن أبواب الجنة ثمانية، وأبواب النار سبعة، انتهت القضية هكذا، وهذا يدل على أن رحمة الله واسعة، وقد سبقت غضبه، فقد جعل أبواب الجنة أزيد من أبواب النار بباب، وهذا الباب ليس بالأمر الهين، وإنما هذا الباب (ما بين مصراعيه كما بين مكة وهجر).
أي: أحد قوائم الباب الواحد من أبواب الجنة كما بين مكة وهجر -وهي البحرين- وكما في رواية أخرى: (ما بين مكة وهجر، أو ما بين مكة وبصرى)، وبصرى: قرية بالشام، وكانت محل هرقل في ذلك الزمان.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من رجل يتوضأ فيسبغ الوضوء -أي: فيتقن الوضوء ويحسنه- ثم يقول عند فراغه من وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية).
وكلمة (الثمانية): استيعاب وشمول، بمعنى أنه لا باب للجنة بعد هذه الثمانية، وأبواب الجنة لا تقل عن هذه الثمانية.
ثم قال: [(فيدخل من أيها شاء)، وهناك أحاديث كثيرة جاءت في ذكر بيان أن أبواب الجنة ثمانية.
وقال عليه الصلاة والسلام في حديث ابن مسعود: (للجنة ثمانية أبواب).
وفي حديث عتبة بن عبد السلمي رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث)، والتقدير: ما من مسلم ومسلمة يموت لهما ثلاثة من الولد، (لم يبلغوا الحنث): أي لم يبلغوا الإثم والمحاسبة، والتكليف، يعني: ماتوا قبل أن يبلغوا الحلم، وقبل أن يجري عليهم القلم، (إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء).
فلو أن ولدك مات في هذا السن فهو من أهل الجنة، وهذا من مسائل الإجماع عند أهل العلم: أن أبناء المسلمين إذا ماتوا قبل أن يبلغوا الحلم، وقبل أن يجري عليهم القلم -وهو سن التكليف، والمحاسبة، والجزاء، والثواب، والعقاب- فإنهم يدخلون الجنة، ولا خلاف بين أهل العلم في ذلك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن أبناء المسلمين الذين ماتوا قبل أن يبلغوا الحنث فقال: (هم في الجنة))، وسئل عن أطفال المشركين فقال أولاً: (الله أعلم بما كانوا عاملين)، ثم سئل بعد ذلك صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين -أي الذين ماتوا صغاراً- فقال: (هم في الجنة)، واختلف أهل العلم في مصير أطفال المشركين، فمنهم من قال: يحبسون ويمتحنون، فإن نجحوا فيه واجتازوه فإنهم يدخلون الجنة، وإلا فلا، وهذا القول بعيد ولا دليل عليه، والفريق الثاني: توقف، والفريق الثالث قال: هم في النار مع آبائهم، وأرجح الأقوال: أنهم في الجنة.
قال عليه الصلاة والسلام: (ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه -أي: يوم القيامة- يدخل من أيها شاء).
وقال عليه الصلاة والسلام في حديث عتبة بن عبد السلمي: (للجنة ثمانية أبواب، ولجهنم سبعة أبواب).
وقال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر، أو هجر ومكة).
وقال ابن المبارك: أو كما بين مكة وبصرى، وبصرى: قرية في الشام كما قلنا، وأما هجر فهي البحرين المعروفة الآن.
وعن خالد بن عمير العدوي قال: خطبنا عتبة بن غزوان فقال في خطبته: وإن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاماً.
فتصور أنك تمشي على عتبة الباب ما بين فكه الأيمن والأيسر أربعين عاماً، [(وليأتين عليها يوم وما منها باب إلا وهو كظيظ من الزحام) يعني: مساحة ما بين المصراعين مسيرة أربعين عاماً، ومع هذا سيكون مزدحماً جداً للداخلين، وهذه بشارة خير بإذن الله تعالى.