وفي هذا إثبات أن السنة تنسخ القرآن كما أن القرآن ينسخ السنة، وهذا مذهب جماهير العلماء.
فالسبيل في قوله تعالى:{أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}[النساء:١٥].
هو قوله عليه الصلاة والسلام الموحى إليه من السماء:(البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)، وهذا السبيل نسخ قول الله عز وجل:{فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ}[النساء:١٥] فالتي تزني يقام عليها الحد بكراً كانت أم ثيباً، أما الإمساك في البيوت فهذا حكم صار منسوخاً، وفي هذا إثبات أن السنة تنسخ القرآن.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان الحكم كذلك حتى أنزل الله سورة النور فنسخها بالجلد أو الرجم.
وهو قوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور:٢].
وأخرج الإمام أحمد هذا الحديث الذي أخرجه مسلم عن عبادة بن الصامت:(كان إذا نزل عليه الوحي أثر عليه وكرب لذلك وتربد وجهه)، ثم ذكر الترمذي كذلك هذا الحديث:(خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم).
وكذلك عند أبي داود الطيالسي حديث عبادة الذي ذكرناه هذا:(خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة).
وذكر الحجارة في الحديث ليس على سبيل القيد؛ لأن إجماع العلماء منعقد على أن الرجم يجوز بأي شيء غير الحجارة، كما في الاستجمار تماماً، والاستجمار قد ورد في النصوص بأنه بالحجارة، لكن إن تم الاستجمار بغير الحجارة جاز.