الناقض الثالث: من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم، فمن فعل ذلك فهو كافر.
وهناك مسألة مشهورة عند الناس وهي: أن من لم يكفر الكافر فهو كافر، وهذا الكلام يصدق في حالتين دون الثالثة، وهاتان الحالتان هما: الحالة الأولى: الكافر كفراً أصلياً، يعني: من لم يدخل في الإسلام ألبتة، فالذي لا يكفر المجوس ولا اليهود ولا النصارى ولا غير المسلم فلا شك أنه كافر بذلك؛ لأنه يجب على المسلم أن يكفر الكافر، وإذا لم يكفره فقد خالف الكتاب والسنة، ورد حكم الله عز وجل؛ لأن الله تعالى كفرهم في كتابه، والنبي صلى الله عليه وسلم كفرهم في سنته، فلابد أن تكون متبعاً لكتاب الله ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا خالفت ذلك فأنت كافر؛ لردك لكتاب الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الصورة الثانية: من ارتد وعلمت ردته واتفق على كفره، بمعنى أنه كان مسلماً، ثم ارتد ردة صريحة عن الإسلام، وتحققت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع، ولم يكن جاهلاً ولا مكرهاً ولا غاضباً، أي: أنه لم يقل الكفر في حال غضبه، كما ألقى موسى الألواح {وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ}[الأعراف:١٥٤]، وغير ذلك من الموانع التي تمنع من تكفيره.
فمن ارتد عن دين الله عز وجل ردة صريحة واتفق على أنه كافر خارج عن ملة الإسلام فقد وجب عليك أن تكفره، وإن لم تفعل فأنت مثله في الحكم.
الصورة الثالثة التي تأخذ حكماً مخالفاً: من كان مسلماً ولكنه فعل أفعالاً جعلت أهل العلم يختلفون فيه، فمنهم من كفره، ومنهم من لم يكفره، فاختلاف أهل العلم فيه لا يوجب عليك أن تقطع له بأحد القولين، فعليك أن تكل أمره إلى الله عز وجل، وإذا ترجح لديك أحد القولين فقل به، ولا بأس عليك ولا حرج؛ لأنك مسبوق إلى هذا القول.
إذاً: قول القائل: من لم يكفر الكافر فهو كافر متعلق بالكافر الأصلي، والذي ارتد عن دين الإسلام وأجمع على كفره أهل الإسلام، وأما الذي لم يحصل بشأنه إجماع وكان فعله يحتمل الكفر وغيره فأنت في حل من شأنه.