للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تحلل أسماء بنت أبي بكر لعدم وجود الهدي وعدم تحلل الزبير لوجود الهدي معه]

قال: [قالت أسماء بنت أبي بكر: (خرجنا محرمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه هدي فليقم على إحرامه، ومن لم يكن معه هدي فليحلل) أي: من كان معه هدي فليقم على إحرامه حتى يؤدي حجه ويتحلل في يوم النحر، وهذا القارن.

ومن لم يكن معه هدي فليحلل بعد أداء العمرة.

قالت: [(فلم يكن معي هدي فحللت، وكان مع الزبير هدي فلم يحلل.

قالت: فلبست ثيابي ثم خرجت فجلست إلى الزبير)]، هذا كلام أسماء بدليل أنه كان مع الزبير هدي فلم يتحلل بعد عمرته حتى تحلل يوم النحر بعد أداء المناسك، أما أسماء نفسها فلم يكن معها هدي، فتحللت بعد أداء العمرة؛ لأنها كانت متمتعة.

قالت: [(ثم خرجت فلبست ثيابي فجلست إلى الزبير -يعني: قعدت بجوار زوجها فقال: قومي عني، فقلت: أتخشى أن أثب عليك؟)] قال الزبير ذلك لأنه كان محرماً، وهل يأمن المرء على نفسه إذا كان في هذا الموطن وعلى هذه الصفة من الإحرام أن تحدثه نفسه بوقاع امرأته، فهي متحللة، فإذا اشتهت زوجها ربما وثبت عليه، من أجل هذا أنكرت فقالت: لا تعتقد أني جئت لأفسد عليك حجك؟ لا.

لن يكون هذا مني أبداً.

وفي رواية: قالت: [(قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج)، ثم ذكر بمثل حديث ابن جريج] لما أدخلوا العمرة على الحج، فكان بعضهم ساق الهدي فكان قارناً، وبعضهم لم يكن معه الهدي فصار متمتعاً.

قال: [غير أنه قال: فقال: استرخي عني -يعني: ابعدي عني- فقلت: أتخشى أن أثب عليك؟] قال: [وعن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر حدث: (أنه كان يسمع أسماء كلما مرت بالحجون تقول: صلى الله على رسوله وسلم)].

الحجون: أعالي مكة، والنبي عليه الصلاة والسلام دخل مكة من أعلاها وخرج من أسفلها؛ ولذلك يسمون مكان الدخول المعلاة إلى الآن، ويسمون مكان الخروج المسفلة، وهذه الشوارع معروفة بهذه الأسماء إلى الآن.

قال: [(كلما مرت أسماء بالحجون تقول: صلى الله على رسوله وسلم.

لقد نزلنا معه هاهنا -أي: دخلنا مكة من أعاليها- ونحن يومئذ خفاف الحقائب -يعني: أمتعتنا قليلة وكنا فقراء- قليل ظهرنا -أي: يركب البعير اثنان أو ثلاثة- قليلة أزوادنا، فاعتمرت أنا وأختي عائشة والزبير وفلان وفلان، فلما مسحنا البيت أحللنا)] أي: لما طفنا وسعينا، يقال: فلان مسح الأرض، يعني: طاف بها، وجابها شرقاً وغرباً؛ ولذلك يقال للمسيح الدجال: المسيح؛ لأنه يمسح الأرض شرقاً وغرباً، ويضع قدمه عند منتهى بصره، وقد ورد في بعض الروايات أنه ينظر وهو في المشرق إلى الغرب فيكون نظره في منتهى الغرب، فتصور أنه ينظر من المشرق إلى المغرب، وفي خطوة واحدة يمسح الأرض، ولا ينجو من فتنته إلا من أراد الله له النجاة.

قالت: (فلما مسحنا البيت) أي: فلما أدينا مناسك العمرة في البيت؛ لأن العمرة كلها في بيت الله الحرام، ومناسك العمرة: طواف وسعي وحلق، والنية تسبق ذلك.

قالت: [(ثم أهللنا من العشي بالحج) يعني: ثاني يوم بعد الظهر أهللنا بالحج، أي: دخلوا مكة يوم السابع من ذي الحجة واعتمروا، وما مر عليهم إلا الليل وأوائل يوم الثامن، وفي العشي -والعشي يطلق على ما بعد الظهيرة- انطلقوا إلى منى مهلين بالحج.