[المسائل التي خالف فيها الإمام النووي أهل السنة والجماعة]
منها: التبرك بآثار الصالحين، من المعلوم إجماع أهل السنة والجماعة على جواز بل على استحباب التبرُّك بآثار النبي عليه الصلاة والسلام على جهة الخصوص؛ لأنه مقطوع بصلاحه وتقواه، فالإمام النووي خالف في ذلك وقاس على النبي صلى الله عليه وسلم كل رجل صالح من الأمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهذا كلام خالف فيه جمهور أهل السنة.
وعلى أية حال تبقى هذه المسألة محل خلاف بين العلماء، ولكن الراجح فيها: عدم قياس الصالحين على النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله.
فالراجح في هذه المسألة عدم جواز التبرك بآثار الصالحين، وهذه المسألة لو أخذناها على الإمام النووي فإنما ينبغي أن نأخذها على كثير من الإخوة السلفيين في هذه الأوقات، فكثير من الإخوة يقول لك: أعطني قميصك يا أخي! هذا بركة منك! أو دعني أشرب سؤرك هذا بركة منك! أو أنا وضعت قدمي مكان قدمك اقتفاء لأثرك وتبركاً بك! فهذا الكلام كله هو الكلام الذي أنكره السلف في مسألة التبرُّك، فأنت تقول أيها المسلم: أتمنى أن أحصل على كوفية أو عمامة أو قميص أو حذاء من أحذية الشيخ الفلاني أو الرجل العلاني.
فهذه بركة منه! ومن الممكن أن تعتقد في والدك الصلاح، فتحجز آثاره بعد موته ثم لا تتصرف فيها عشرات الأعوام من باب التبرك بآثار الوالد، وبآثار الشيخ، وبآثار الزعيم وهلم جراً، فكل هذا مما أنكره كثير من السلف.
وإذا كنا نعيب الآن على بعض أهل العلم أنهم تبنوا جواز التبرك بآثار الصالحين فإن كثيراً ممن يعيبون على الشيخ فلان أو الشيخ علان هذا الأمر إنما هم واقعون فيه.
ومما خالف فيه الإمام النووي أيضاً عقيدة أهل السنة: ذكره للتأويل في صفة الغضب والرضا والسخط والكراهية، ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء، وذكر تأويله صفة النور وقوله: إن السلف يؤولون المعنى، وكذلك تأويله للصورة، وذكر تأويله الصورة والإتيان، وتأويله الضحك، وتجويزه قراءة القرآن على القبور، وتأويله الحب والبغض، وتأويله علو الله عز وجل، وتأويله النزول، وتأويله اليد، وشد الرحال إلى قبور الصالحين والمواضع الفاضلة أجازه الإمام النووي، وذكر تأويله دنو الله وقربه.
وكذلك تكلم بكلام يخالف أهل السنة والجماعة في مصير أولاد المشركين في الآخرة.
وتأويله الضحك، وكلامه في الخضر وما يتعلق به من المسائل، وكلامه في حرمة المشايخ من التبجيل والتعظيم الزائد، وذكر تأويله الأصبع، وقوله: إن الصفات من باب المتشابه أو من باب المجاز، وتأويله النفس، وذكر تأويله الفرح وسماع الأموات، وذكر تأويله الساق وغير ذلك من المسائل التي ينبغي أن توضح، وهذا ما يفتح الله عز وجل به علينا في أثناء الشرح إن كنا سنتعرض لشرح الإمام النووي على صحيح مسلم.