قد يقلع الشخص عن الذنب لا ندماً، لكن لعلة تمنعه من مقارفة هذا الذنب، كإنسان كان يسرق، ثم أصيب بحادث فكسرت ذراعه أو رجله، فترك السرقة بسبب ما حصل له، لا أنه أقلع عن السرقة ندماً وحسرة وتوبة، وإنما منعه العذر من الذنب أو الوقوع فيه.
كذلك: إنسان كان يزني، لكنه لما كبر سنه ورق عظمه صار عاجزاً عن وصال النساء وعن جماعهن، فترك الزنا لذلك.
أيضاً: إنسان كان يتعاطى التدخين، وهو كبيرة من الكبائر، وبعضهم عده صغيرة، وعلى أي حال فإنه في الغالب أن من يدخن يقع في كبيرة؛ لأن أهل العلم قد أجمعوا على أن الصغيرة مع الإصرار تعد كبيرة، والإصرار: هو الإقامة على الذنب.
كذلك لو أن إنساناً سافر إلى محبوبته ومعشوقته في مكان آخر، فهو قد هم بالذنب وفكر فيه، واتخذ له الخطوات العملية للوقوع فيه، لكن حصل أن انقلبت السيارة، فتأخر عن موعد اللقاء بمعشوقته، فانصرفت وانصرف هو راجعاً إلى بيته، فهذا كمن زنى، لكن الفرق بينه وبين الزنا الحقيقي: أنه لا يقام عليه الحد في هذه الحالة، لكنهما في الإثم سواء، مع أنه في أثناء الطريق إلى معشوقته لو فكر في عذاب الله عز وجل، فخاف ووجل وخشع، ثم رجع إلى بيته تائباً نادماً، عازماً على ألا يقرب هذه المرأة ولا غيرها، فإن ذلك لا يستوي مع من ارتكب جريمة الزنا حقيقة، وإنما قد يتوب الله عليه.