باب جواز مداواة المحرم عينيه، حتى وإن اضطر إلى أخذ بعض شعر جسمه له أن يأخذ من شعره ما يساوي قدر العلاج، لكن عليه الفدية حينئذ.
قال: فـ[عن نبيه بن وهب قال: (خرجنا مع أبان بن عثمان حتى إذا كنا بملل -اسم موضع - اشتكى عمر بن عبيد الله عينيه، فلما كنا بالروحاء - اسم موضع كذلك - اشتد وجعه فأرسل إلى أبان بن عثمان يسأله، فأرسل إليه: أن اضمدهما بالصبر، فإن عثمان رضي الله عنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل إذا اشتكى عينيه وهو محرم ضمدهما بالصبر)]، يعني: عالجهما بالاكتحال بهذه المادة، لكن إذا احتاج إلى أخذ بعض الشعر، فإن كانت شعرة واحدة فعليه مد، وإذا أخذ شعرتين فعليه مدان من طعام، وإذا أخذ ثلاث شعرات فما فوق فعليه شاة.
وإذا كان الشعر يتساقط لوحده بغير صنيع منك فلا شيء عليك، وقد اتفق العلماء على جواز تضميد العين وغيرها بالصبر ونحوه مما ليس بطيب ولا فدية في ذلك، فإن احتاج إلى ما فيه طيب جاز له فعله وعليه الفدية؛ لأن الطيب يحرم على المحرم، كما أن الحلق يحرم على المحرم، فإذا احتاج إلى الحلق لعذر فله أن يحلق وعليه الفدية، فكذلك إذا احتاج المريض أو المرمد في عينيه إلى العلاج بشيء فيه طيب، فعليه أن يستخدم هذا الطيب، ولكن عليه الفدية.
واتفق العلماء على أن المحرم يكتحل بكحل لا طيب فيه إذا احتاج إليه، ولا فدية عليه، وأما الاكتحال للزينة فمكروه عند الشافعي وآخرين، ومنعه جماعة منهم: أحمد وإسحاق -يعني: حرموه- وفي مذهب مالك قولان كالمذهبين -يعني: مكروه، ومحرم- وفي إيجاب الفدية عندهم بذلك خلاف.