القاعدة السادسة: العقل لا مدخل له في باب الأسماء والصفات؛ لأن الأسماء والصفات من الأمور التوقيفية الغيبية، أي: التي نعتمد فيها على السمع دون سواه، ومعنى السمع: النقل، والنقل هو: الوحي الذي هو الكتاب والسنة، فصفات الله عز وجل وأسماؤه لا دخل للعقل فيها، والعقول لا تحكم على الله أبداً، وإنما المدار على السمع، خلافاً للأشعرية والمعتزلة وكذلك الجهمية وغيرهم من أهل التعطيل الذين جعلوا المدار في إثبات الصفات أو نفيها على العقل، وقالوا: ما اقتضى العقل إثباته أثبتناه سواء أثبته الله لنفسه أم لا، وما اقتضى نفيه نفيناه عن الله تعالى وإن أثبته لنفسه، وهذا رد صريح وتحريف للكلم عن مواضعه في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وما لا يقتضي العقل إثباته ولا نفيه فمعظم هذه الفرق من المعتزلة والأشعرية والجهمية ينفونه كذلك.
فنفوا عن الله عز وجل صفات لم ينفها عنه العقل الذي يستندون إليه، وهذا يدل على أن من اعتمد على عقله ضل وزل، وحجتهم في ذلك: أن دلالة العقل إيجابية، فإن أوجب الصفة أثبتوها، وإن لم يوجبها نفوها.
ومنهم من توقف في ذلك فلم يثبتها؛ لأن العقل لا يثبتها، ولم ينفها أيضاً؛ لأن العقل لا ينفيها، ويقول: نتوقف عن إثبات أو نفي ما لم يثبته العقل أو ما لم ينفه عن الله عز وجل، فصار هؤلاء يحكمون فيما يجب أو يمتنع على الله عز وجل، فما اقتضى العقل وَصْف الله تعالى به وُصِفَ به، وإن لم يكن في الكتاب والسنة، وما اقتضى العقل نفيه عن الله نفوه، وإن كان في الكتاب والسنة.