[جواز قتل الفواسق وما في معناها]
يقول الإمام النووي: (اتفق جماهير العلماء على جواز قتلهن في الحل والحرم والإحرام، واتفقوا على أنه يجوز للمحرم أن يقتل ما في معناهن).
أي: هناك اتفاق على أنه ليست هذه السبعة المذكورة في النص هي التي تقتل فقط، بل يقاس عليها ما في معناها من هوام ودواب تؤدي نفس الفسوق الذي لأجله أبيح قتل هذه الفواسق.
وكلمة فاسق تعني: خارج؛ ولذلك يقال: فلان فاسق، يعني: خارج عن طاعة الله عز وجل، سواء بارتكاب الكبائر أو بارتكاب الصغائر، والفسق فسقان: فسق أكبر وفسق أصغر وهو الفسق العملي، فهذه الدواب سميت فواسق لأنها خرجت عن المألوف لدى الدواب ولدى الهوام بإيذاء الآخرين.
ومن الدواب ما هو أهلي كالقطط ولكنها من دواب البيوت؛ ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الهرة وقال: (إنها من الطوافين عليكم والطوافات)، وأثبت أن سؤرها ليس بنجس، كما في حديث أبي قتادة الأنصاري.
فهل النص الوارد في قتل هذه الفواسق خاص بهذه الفواسق فقط؟ أم يقاس عليها ما في معناها من الخروج والإيذاء والإفساد والفسق؟ قال الشافعي: اتفق العلماء على أنه يجوز للمحرم أن يقتل ما في معناهن، ثم اختلفوا في المعنى.
فقال الشافعي: المعنى في جواز قتلهن: كونهن مما لا يؤكل، وكل ما لا يؤكل ولا هو متولد من مأكول وغيره فقتله جائز للمحرم ولا فدية عليه.
إذاً: العلة في القياس بين المنصوص عليه وغير المنصوص عليه عند الشافعي هي أنه غير مأكول اللحم.
قال: وكل ما لا يؤكل لحمه جاز قتله في الحل والحرم ولا فدية على القاتل.
وقال مالك: المعنى فيهن: كونهن مؤذيات.
إذاً العلة عند الشافعي: كونه ما لا يؤكل لحمه، والعلة عند مالك: الإيذاء، فكل مؤذ يجوز للمحرم قتله وما لا يكون كذلك فلا يجوز للمحرم قتله.
اختلف العلماء في الكلب العقور، فقيل: هو الكلب المعروف، وقيل: كل ما يفترس يسمى كلباً عقوراً من جميع السباع.
قال: (اتفق العلماء على جواز قتل الكلب العقور للمحرم والحلال في الحل والحرم، واختلفوا في المراد به، فقيل: هذا الكلب المعروف خاصة، حكاه القاضي عن الأوزاعي وأبي حنيفة والحكم بن صالح ويلحق به الذئب، وحمل زفر معنى الكلب على الذئب وحده، وقال جمهور العلماء: ليس المراد بالكلب العقور تخصيص هذا الكلب المعروف، بل المراد: هو كل عاد مفترس غالباً، كالسبع والنمر والذئب والفهد ونحوها)، ومعنى العقور: العاقر الجارح، ونحن نسميه الكلب المسعور.
هناك كلب لا يحرس ولا يفعل شيئاًَ، وفي النهار يفرش يديه ورجليه وينام، حتى لو ضربته لا يتحرك من مكانه، فهذا ليس بعقور، بخلاف الكلب الذي يتربص بك، وبخلاف الكلاب التي تمزح فتخيف الصغار؛ لأنه يسعد ويفرح عندما يخاف الصغير، فهذا لا يقصد افتراساً وإنما يقصد الممازحة والملاعبة.
هناك كلب يهجم عليك لكنه يحافظ عليك، ولا يخدشك بخدش، بخلاف المسعور الذي لا يترك شاذة ولا فاذة إلا وينقض عليها.
والغراب الأبقع: هو الذي في ظهره وبطنه بياض.
وحكى السياجي عن النخعي أنه قال: لا يجوز للمحرم قتل الفأرة.
والحديث يرد عليه ذلك.
وحكى غيره عن علي ومجاهد: أنه لا يقتل الغراب ولكن يرمى، وهذا ثابت عن علي بن أبي طالب، وهو ليس كذلك، وأما الحية تقتل بصغر لها أي: بمذلة وإهانة، هذه هي السبع الفواسق التي يجوز للمحرم أن يقتلها في الحل والحرم والإحرام كذلك.