للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم جباية الضرائب]

السؤال

ما حكم الضرائب وجبايتها في حالة عدم كفاية الزكاة والصدقات لاحتياجات الرعية؟

الجواب

وما يدريك أن الزكاة ليست كافية؟ السؤال هذا لا يوجهه إلا الخليفة أو الوالي عنه ليس أنت، لأجل أنك تعمل موظفاً في الضرائب تريد أن تجد لنفسك أي مسوغ، فعملك حرام ومالك حرام، إنما ادعاؤك أن الزكاة ليست كافية، لو أن كل غني أدى زكاة ماله لصار الفقير غنياً، وهذا وعد الله عز وجل لعباده، والزكاة أعظم نظام تكافلي اجتماعي، بحيث لا يبيت الفقير جائعاً قط.

إذا كان في هذا الزمن لا يكاد يكون هناك فقير، عندما يكون عندك زكاة مال وتريد أن تعطيها بالفعل للمستحق تجد بشق الأنفس شخصاً مستحقاً، الآن تجد الفقير يتقاضى مائتين إلى ستمائة جنيه في الشهر أو أكثر من ذلك ولا يزال يتسول ويشكو الله عز وجل إلى خلقه.

فالموظفون الذين هم محدودو الدخل هم أهل الزكاة بالدرجة الأولى، ليس الذين يتسولون في المساجد ويتسكعون في الشوارع والطرقات.

والحكومة عندما تأخذ الضرائب توزعها للفقراء، فالأصل في الزكاة أنها تؤخذ من الغني فتوضع في يد الفقير، وإذا وضعت في يد غير الفقير فإنها لا تجزئه على المذهب الراجح عند أهل العلم، أما الحديث الذي أخرجه الشيخان: (تُصدق الليلة على غني)، فهو في عموم الصدقات، إنما أموال الزكاة فلها مصارفها الثمانية: ومنها الفقير والمسكين، فإذا وضعت الزكاة في يد الفقير والمسكين فقد بلغت من الغني إلى مستحقها، أما إذا وضعت في غير هذه المصارف الثمانية فلا تجزئ صاحبها على المذهب الراجح عند أهل العلم.

وفي هذه الحالة لو وافقناك جدلاً وهذه الموافقة باطلة، لكني أضرب لك جدلاً أن الضرائب تؤدي مؤدى الزكاة، وأنها تقوم بالمهمة التي تقوم بها الزكاة، وأن الحكومة إنما تأخذها لتنفقها في مصارف الزكاة، فأقول: بين الضرائب والزكاة فروق لا يمكن اجتماعهما، الزكاة حق في مال الغني لصالح الفقير، والضرائب حق الدولة! لا يوجد شيء في الشرع اسمه حق الدولة، بعض الناس يقولون: هذه الأرض للدولة، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من أصلح أرضاً ميتة فهي له)، فمن أصلح هذه الأرض فإن الحكومة تأخذ منه الضرائب، المتر بألف جنيه، وهذا ظلم ونهب ومكوس، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول عن تلك المرأة الزانية: (أنها تابت توبة لو تابها صاحب مكس لتاب الله عز وجل عليه)، وصاحب المكس هو الذي يأخذ أموال الناس بالباطل.

والزكاة حق في أموال الغني بالحق، والمكوس والضرائب بالباطل، والأصل في الزكاة الرضا والخضوع لله عز وجل والتعبد، فأنت تدفع هذا المال تعبداً لله تعالى، والضرائب لا تدفعها تعبداً، بحيث أنك تصارح الحكومة وتقول لها: أنتم لم تأتوا إلي من أجل أن تأخذوا الضرائب التي هي الزكاة.

بينما الزكاة أنت تحمل مالك على يدك وعلى قلبك وتذهب به وتعطيه الفقير من غير سلطان عليك؛ لأن السلطان سلطان القلب، والإيمان هو الذي حركك؛ لأنك تعلم أنك لن تدخل الجنة إلا بهذا، لكن الضرائب فهي نار في نار، فما علاقتها بالجنة؟ فلا يمكن اعتبار الضرائب زكاة نهائياً.