باب بيان عدد عُمَرِ النبي صلى الله عليه وسلم وزمانهن
الباب الأخير وهو الخامس والثلاثون: باب بيان عدد عُمَرِ النبي صلى الله عليه وسلم وزمانهن.
يعني: كم عدد العمر التي اعتمرها؟ وفي أي الشهور اعتمر؟ أما عدد العمر فقد وقع الخلاف بين مالك والجمهور: مالك يقول: اعتمر ثلاث مرات، والجمهور: على أنه اعتمر أربع مرات.
والصواب: هو الجمع بينهما، أن مالكاً قال: اعتمر ثلاثاً غير عمرة حجة الوداع، فلم يعدها، وبذلك تنسجم الروايات ويتألف كلام أهل العلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم حج مرة واحدة بعد البعثة، وحج مرة أو مرتين قبل البعثة على ملة إبراهيم عليه السلام.
قال: [قال أنس: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر، كلهن في ذي القعدة، إلا التي مع حجته)]، يعني: ثلاث عمرات في ذي القعدة، وواحدة في يوم الرابع من ذي الحجة.
قال: [(عمرة من الحديبية أو زمن الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من جعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته)] أي: في ذي الحجة.
الخلاف بين زيد بن أرقم وبين أنس وبين عائشة وابن عمر وغيرهم أن النبي عليه الصلاة والسلام اعتمر أقل من ذلك، والصواب ما ذكرناه، وأخطأ من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب، وما اعتمر في رجب قط، كان عبد الله بن عمر يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتمر مرة في رجب، والصواب: أنه لم يعتمر في رجب، وراجعته عائشة، ولما راجعته عائشة سكت ولم يتكلم.
قالت:(يرحم الله أبا عبد الرحمن فإنه قد أخطأ، ما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في رجب قط، وعبد الله بن عمر يسمع إنكارها فلم يرد عليها)، فتبين أنه لم يضبط أحد زمن عمرات النبي عليه الصلاة والسلام قدر ما ضبطته عائشة وأنس وبقية أصحابه رضي الله عنهم أجمعين.