الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد: قال المصنف رحمه الله: [قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: حدثني أبي عمر بن الخطاب قال: (بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر -وفي رواية: لا نرى عليه أثر السفر- ولا يعرفه منا أحد)].
وهذا الذي دعا عمر بن الخطاب إلى أن يستنكر الأمر، لأن هذا الرجل ليس معروفاً عندهم في المدينة، فهو ليس من أهل المدينة ولا مما جاورها، وهو لا تبدو عليه علامات المسافر، فإن المسافر يكون في الغالب أشعث أغبر متسخ الملابس، وهذا الرجل الذي دخل عليهم كان شديد سواد الشعر، أي: ليس على شعره تراب، بل مرجل الشعر، وشديد بياض الثياب، ومعلوم أن المسافر يكون على غير هذه الهيئة والصفة.