[بيان الأوقات التي كان يقاتل فيها النبي صلى الله عليه وسلم العدو]
قوله:(حين سار إلى الحرورية، يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض أيامه التي لقي فيها العدو ينتظر، حتى إذا مالت الشمس قام فيهم فقال: (يا أيها الناس) إلى آخر الحديث.
أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقاتل الناس إذا مالت الشمس ناحية الغرب.
فمعنى: مالت: تضيّقت إلى ناحية الغرب وظهر الفيء.
أي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير على العدو ويقاتله بعد صلاة الظهر، وربما يكون ذلك لمصلحة متعلقة بالصلاة، أنه كان يجمع الظهر والعصر جمع تقديم، ويؤخر المغرب إلى العشاء جمع تأخير لحاجة الحرب.
والله أعلم.
قال: في هذا الحديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام انتظر حتى مالت الشمس، فقام فيهم فقال:(يا أيها الناس!) إلى آخره.
ففي هذا الحديث وفي غيره: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تزول الشمس، والمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معظم قتاله بعد صلاة الصبح، لكنه كان يؤخر القتال أحياناً لحاجة الحرب أو لجهد أصحابه حتى يأخذ الصحابة قسطاً من الراحة أو غير ذلك.
قال العلماء: سببه أنه أمكن للقتال -يعني: سبب التأخير إلى الظهر أنه أمكن للقتال- فإنه وقت هبوب الريح ونشاط النفوس، وكلما طال ازدادوا نشاطاً وإقداماً على عدوهم وقد جاء في صحيح البخاري: أخّر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلاة.
قالوا: وسببه: فضيلة أوقات الصلوات والدعاء عندها.
قوله:(ثم قام النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (اللهم منزل الكتاب، ومجرى السحاب، وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم)) فيه استحباب الدعاء عند اللقاء والاستنصار.