والدين قد ورد في الكتاب إما على سبيل الجزاء، وإما على سبيل العمل، فمما ورد بمعنى الجزاء قوله تعالى:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:٤]، أي: مالك يوم الجزاء والحساب والعقاب والجنة والنار، فهنا لفظ الدين بمعنى الجزاء.
وكذلك قول الله تعالى:{ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}[الانفطار:١٨].
فيوم الدين هنا بمعنى الجزاء.
وقد ورد أيضاً الدين بمعنى العمل، كما في قوله تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ}[آل عمران:١٩].
فالدين هنا بمعنى العمل بالإيمان والعمل بالإسلام.
وقال الله تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا}[آل عمران:٨٥]، أي: عملاً يتقرب به إلى الله تعالى، {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[آل عمران:٨٥].
فقوله:((وَمَنْ يَبْتَغِ)) أي: ومن يتحرى غير الإسلام عملاً لم يأمر به الله عز وجل ولا رسوله صلى الله عليه وسلم يتقرب به إلى الله عز وجل فقد دخل في حد البدعة، ولن يقبله الله تعالى منه.
وقال تعالى:{وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}[المائدة:٣]، أي: عملاً تتقربون به إلى الله عز وجل، فأخبر سبحانه وتعالى أن الدين الذي يرضاه ويقبله من عباده هو الإسلام، ولا يكون الدين في محل القبول والرضا إلا بانضمام التصديق إلى العمل؛ لأننا لو قلنا في معنى قول الله عز وجل:((وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا))، وقوله:((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ))، وقوله:((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)): إن الدين هنا بمعنى العمل لاستلزم ذلك أن الله تعالى لا يقبل العمل هذا إذا لم يكن نابعاً من تصديق قلبي، وهذا يدل على أن الإسلام في هذه الآيات يشمل العمل الظاهر والباطن، والعمل الظاهر هو الذي ورد في الحديث في مراتب وفرائض الإسلام، والإيمان ورد في مراتب وفرائض الإيمان الباطنة المتعلقة بالقلب.